مقالات الرأي

هذه الأرض ستبقى فلسطينية

بقلم/ محمد علوش 

حكومة نتنياهو الإرهابية تسعى إلى مسابقة الزمن من أجل فرض وقائع ملموسة على الأرض لتجعل من موضوع الضم حقيقة أمام شعبنا، وهذا السباق المحموم مع الزمن مرتبط بالظروف الداخلية الإسرائيلية وله علاقة بالانتخابات الأمريكية وعودة ترامب مجددًا للمشهد السياسي كرئيس أمريكي موثوق بالنسبة إلى إسرائيل، على أنه لا يمكن الرهان بالمطلق على أنه بإمكان الخلافات الداخلية الإسرائيلية أن تؤدي إلى إلغاء مشروع الضم المتعلق بالضفة الغربية.

وأمام مخططات الاحتلال ولقطع الطريق أمام تنفيذ مشروع الضم، يجب مواصلة السعي إلى بلورة ائتلاف دولي رافض للسياستين الأمريكية والإسرائيلية، وتعزيز الأهمية من أجل حشد الإجماع الدولي الذي لم يتحقق في ظروف سابقة وشكل عزلة لإسرائيل، ومن المهم البناء عليه في تحركات لاحقة باتخاذ إجراءات وعقوبات على إسرائيل، وهذا يتطلب بالدرجة الأساسية تصعيد الحراك الشعبي على الأرض وعلى ضرورة إطلاق المقاومة الشعبية في كل الأرض الفلسطينية لإسقاط المشروع الإسرائيلي، وأن يكون هذا الحراك بقيادة القوى الوطنية التي ينبغي أن تعيد قدرتها على الإمساك بزمام المبادرة.

ما زالت معارك الأرض الفلسطينية تتوالى جولاتها، وقد أصبحت كل أيامنا أيام مواجهة وتصعيد ونضال من أجل حرية الأرض ومواجهة الاحتلال والاستيطان الاستعماري، كيف لا وجماهير شعبنا المناضل تتصدى للاستيطان وجدار الفصل العنصري وكل أشكال مصادرة الأرض ونهبها حيث تتجلى الصور المشرقة للمقاومة الشعبية والنضال الشعبي الذي أثبت جدواه عبر ما حققه من انتصارات وما جلبه من دعم وتأييد عالمي للقضية الفلسطينية ولحقوق شعبنا.

وانطلاقًا من إيماننا بأن جوهر الصراع مع الاحتلال هو الأرض وعلى الأرض، فإن الدعوة تتجدد إلى المضي قدمًا نحو التجسيد العملي للإعلان عن الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وحشد التأييد الدولي لهذا المشروع الوطني ودعوة المجتمع الدولي للاعتراف به والعمل على انضمام دولة فلسطين للمزيد من المنظمات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ترسيخًا لدورها ومكانتها، وهذه اللحظة التاريخية التي نعيشها وفي ظل واقع الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وإرهاب الدولة المنظم الإسرائيلي بحق شعبنا، تكون الأولوية للمواجهة والعمل على إفشال كل سياسات ومخططات وبرامج حكومة الاحتلال وتحالفاتها مع الإدارة الأمريكية ومع القوى الغربية الأخرى التي ما زالت أسيرة عقليتها الاستعمارية، ويصبح واجب النضال أكثر وجوبًا في سبيل الدفاع عن الأرض الفلسطينية وإسقاط كل أوهام نتنياهو ووزراء حكومته الفاشيين الذين يسارعون الوقت للسيطرة على الضفة عبر مشروع الضم الذي ينال الرضا والدعم الأمريكي ومن إدارة ترامب التي شارفت على استلام مهامها مجددًا في البيت الأبيض. 

إن الوحدة الوطنية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال العمل الجاد لإنهاء حالة الانقسام المدمر، وإعادة تفعيل وتطوير دور جميع دوائر ومؤسسات م.ت.ف على أسس وطنية استنادا إلى برنامج وطني يخدم القضية الفلسطينية، وبالاستناد إلى استراتيجية وطنية شاملة وموحدة، تعيد الثقة إلى شعبنا وتسهم في حشد كل طاقات شعبنا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والخطة الأمريكية التي لم تنته في صفقة القرن.

الهجمة الصهيونية لا تزال على أشدها وتواصلها في سلب المزيد من الأراضي الفلسطينية في القدس والضفة الغربية، وليس هناك من أولوية اليوم أهم من استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية السياسية والجغرافية التي أصبحت واجبًا وطنيًّا تفرضه خطورة المرحلة التي يمر بها شعبنا وقضيتنا الوطنية، والمهمة الأساسية اليوم يجب أن يكون عنوانها مواجهة المخططات والمشاريع الاحتلالية كافة الهادفة إلى تقويض المنجزات الوطنية وفرض وقائع جديدة على الأرض، إلى جانب مهمة الدفاع عن شعبنا، بكل ما يلزم في التصدي للحرب الهمجية وللإبادة الجماعية وكل فصول العدوان والغطرسة الإسرائيلية.

وعلينا التنبيه من خطورة ما يجري، فالضم الفعلي للضفة الغربية بدأ فعليًّا وبوقائع ملموسة على الأرض، فجميع إجراءات الاحتلال من مصادرة الأراضي والبناء الاستيطاني وتقطيع أوصال الضفة الغربية بالعشرات من الحواجز العسكرية ما هي إلا إجراءات مقدمة لمخطط الضم العدواني والتوسعي الاستيطاني، وإن انضمام نتنياهو إلى اليمين المتطرف في حكومته، بشأن الدعوة إلى مخطط ضم الضفة الغربية، وفرض ما يسمونه بالسيادة الإسرائيلية عليها، هو تطبيق لنهج ورؤية اليمين العنصري المتطرف المدعوم من الإدارة الأمريكية وبعض الدول الغربية، وسط صمت عربي وإسلامي، ومثل هذه الدعوات العنصرية والتحريض التي يقوم بها الاحتلال تشكل دليلًا على النية نحو التنفيذ الفعلي للضم.

هذه التصريحات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية تشكل خرقًا فاضحًا لما تبقى من القانون الدولي الذي سقط في الامتحان أمام صمته على جريمة الحرب والإبادة، وكذلك لقرارات مجلس الأمن الدولي، خاصة القرار 2334 الذي يدين جميع الإجراءات الإسرائيلية دون أن ينفذ أي قرار منها نتيجة الهيمنة على المؤسسات الدولية من الولايات المتحدة، وعلى المجتمع الدولي وتحديدًا الاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والصين الشعبية، الإفصاح الفوري عن موقفها تجاه هذه التصريحات، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة والتعبير عن القلق الدولي، والتي لم تعد مقبولة، والمطلوب موقف جدي ومسؤول لا يقبل الجدل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية.

Back to top button