المعالجة في التأسيس لا التسييس
بقلم/ ناصر سعيد
أثارت تصريحات وزير داخلية حكومة الدبيبة الأخيرة، جدلًا واسعًا بين الإشادة والرفض لتقييد الحريات الشخصية، دون إنكار لمظاهر التشتت التي طرأت على المجتمع، خلال العقد الأخير، وانعكاساتها على بعض الأسر، وبخاصة بين صفوف الشباب والفتيات في سن المراهقة، وتدني الحالة المعيشية، وحالة الاستقطاب الحاد للشباب في صفوف الجماعات المسلحة، وانتشار منظمات المجتمع المدني التي ارتبط أغلبها بأجندات خارجية من خلال التمويل، ودورات التدريب لغايات مشبوهة استغلت طموحات الشباب حتى شكلت اضطرابًا في قيم المجتمع وترابطه.
لا يختلف عاقلان على أهمية وضع حد للحالة المزرية والتفسخ والانحلال الذي تفشى في العاصمة وبعض المناطق، -والحمد لله أنه محدود- للحفاظ على المناقب الاجتماعية والتعاليم الإسلامية، الأمر الذي يتطلب معه وقفة جادة لا يمكن حسمها بمؤتمر صحفي أو أن يتولى معالجته شخص من خلفية ميليشياوية غير مؤهل، إذ إن الأمر يحتاج إلى دراسة اجتماعية علمية لمثل هذه الظواهر الرذيلة، وتفعيل العمل بالقوانين لردع ما يخالفها ويتعارض مع القيم المجتمعية، لا أن يكون الحل بإثارة زوبعة شعبوية، أو لاسترضاء الأطراف المتطرفة التي تحاول فرض منهج مشوه ومشوش، وشرطة آداب بنكهة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تحاكي الدروشة والتضليل وتعطل العقل.
من ناحية أخرى إن المبادرات الإصلاحية الوطنية التي تهدف إلى الاستقرار واستعادة الأمن، من الضروري تشجيعها، والبناء عليها، فهي نداءات (أفلح إذا صدق) تلقى اهتمامًا واسعًا عند كل متلق إن صدقت الأهداف والنيات، بعيدًا عن استخدامات السياسة والمغالبة.. فمن الأهمية دعم الخطوات الإيجابية لإصلاح ومعالجة آثار المؤامرة على البلد سريعًا لوقف نزيف الانحدار نحو القاع المظلم كما هو ماثل أمامنا اليوم من انقسام سياسي وفساد مادي وأخلاقي.
ولهذا أشيد بتصريح السيد سليمان الفورتية الذي يمثل رسالة وخطوة مهمة ومبادرة حسنة، يبنى عليها بإطلاق سراح القيادات السياسية والأمنية التي تقبع في سجون الظلام منذ سنوات ظلمًا وانتقامًا وتشفيًا، فتشجيع مثل هذه المبادرات وتطويرها يمكن أن يساعد في بناء الثقة ويفتح آفاقًا أخرى على طريق المصالحة المجتمعية المنشودة.