مقالات الرأي

نحو اتجاه البوصلة!

بقلم/ سالم أبو خزام

اللقاء الأخير بالقاهرة بين الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي، والجزائري عبدالمجيد تبون، يكسب أهميته باعتباره يمتلك أرضية كبيرة جدا للاستقرار في ليبيا، وهذا دور محوري وإقليمي لتصاعد النزاع والخلافات السياسية بين جميع الأطراف في الأزمة الليبية، إن دعم مصر والجزائر واتفاقهما وتنسيقهما سياسيا سيأتي بنتائج طيبة وينعكس على الحالة الليبية، حيث إنهما من أهم وأكبر الدول المحاذية لليبيا شرقا وغربا، وعدم التوافق بين هاتين الدولتين فيما سبق هو ما أدى إلى وجود تباين بداخل ليبيا، فبينما تدعم مصر المناطق الشرقية وسياسات مجلس النواب، فإن الجزائر تدعم وبشكل خجول المناطق الغربية وتحديدا المجلس الرئاسي، وتحاول استغلال تقاربها الجغرافي والحدودي للتدخل في الشأن السياسي الليبي ومناطق الجنوب تحديدا.

كان واضحا اتفاقهما على دعم الاستقرار الذي ننشده في ليبيا وتأتي مسألة دعم اختيار وفرز حكومة جديدة من أولويات هذا الدعم، فإن التمكن من وجود حكومة ليبية موحدة تسيطر على كامل التراب الليبي وتنفذ سياسات ليبية مستقلة سيكون أولى الخطوات نحو إرساء الاستقرار، تلك الحالة إن حصلت يعني أدركنا ووصلنا إلى تنفيذ سياسات واحدة خاصة في مجالات التنمية، بالطبع حكومة موحدة وجديدة هو مطلب أساسي للشعب الليبي، وبعده ستأتي تباعا وبشكل منطقي وطبيعي مسألة الانتخابات التي تهدف إلى اختيار رئيس لكل ليبيا، ومجلس نواب يهتم بالتشريع وينصرف إليه، دون التدخل في ملفات المد والجزر الحاصلة الآن، ووجود رئيس منتخب قوي يوحد الأطراف، يمكن ليبيا من استعادة هيبتها ولعب دورها البارز إفريقيًّا ودوليًّا، منطلقا من وجود مشروع القوات المسلحة العربية الليبية متسقا ومنسجما معه.

هذا النهج والطريق الانتخابي هو ما سيقطع الطريق بشكل حاسم على كافة التدخلات الأجنبية، وينهي حالة العبث والتلاعب بأموال الشعب الليبي التي تنهب وتسرق في وضح النهار وبدون أدنى حسابات للأسف، والشعبان العربيان في كل من مصر والجزائر عليهما تذكر موقف الشعب العربي في ليبيا عندما وقف بالكامل مع مصر العروبة في حربها ضد العدو الصهيوني عام 1973 وتحرير سيناء بمشاركة جنود وضباط من أبناء القوات المسلحة العربية الليبية، وشارك الشعب الليبي شقيقه الشعب الجزائري بالمال أثناء جبهة ثورة التحرير بكل الجزائر، ثم كان لليبيا موقف محترم مشرف من شعبنا الشقيق أثناء مروره بالعشرية السوداء التي كادت تدمر الجزائر.

تضييق الجزائر على المواطنين الليبيين وقفل حدودها مع ليبيا موقف يجب أن يطويه الزمن وتشذب تداعياته، ويبدل بمواقف مشرفة تليق بالشعب الشقيق في الجزائر، في كل حال الموقف السياسي الموحد بين القاهرة والجزائر يسعى بشكل كبير وحاسم إلى الخروج برأي جديد، يجعل ليبيا أكثر استقرارا ويمنع التدخلات الأجنبية خاصة التي تسعى إلى تقسيم ليبيا، وإحداث هزات عنيفة بجنوب البلاد ستكون مؤثرة على الجزائر نفسه!

ليبيا العظيمة وشعبها الشجاع لابد أن ينهض وينتفض لتعود بلاده قوية وتلعب دورا محوريا في الساحة العربية والإفريقية والدولية، ويتخلى عن (الفوضى الخلاقة) ويعود متلازما مع أنداده ويقهر السلاح المتخلف الموجه ضد نفسه ويغير اتجاه البوصلة ويزيل عوائقها تماما ويعوضها بالبرامج التنموية الجادة في إعادة الإعمار والبناء!

زر الذهاب إلى الأعلى