وعدٌ مشؤوم ونكبة شاهدة.. ونضال لن يتوقف
بقلم/ محمد علوش
وعدٌ مشؤوم ونكبة شاهدة ونضال لن يتوقف، وإرادة شعبنا لن تقهر ولن تستكين، وستبقى مهجة نضال شعبنا متقدة على طريق العودة والحرية والاستقلال ودحر المحتلين القتلة الإرهابيين.
وعد بلفور المشؤوم الذي يصادف اليوم الثاني من نوفمبر من كل عام، حيث مرت علينا 107 سنوات على هذه الجريمة النكراء، والتي أعطت القوى الاستعمارية وفي مقدمتها بريطانيا بموجب وعدها المشؤوم، ما لا تملك لمن لا يستحق، ليظل هذا “الوعد” قراراً جائراً ومخالفاً لكافة قواعد الإنسانية، و”الوعد” المشؤوم شكل نقطة تحول استراتيجية على مختلف المستويات السياسية والقانونية والجغرافية والإنسانية، ففي حين، حرم هذا “الوعد” الشعب الفلسطيني من حقه بأرضه، وأطلق العنان للحركة الصهيونية العالمية للعبث بمقدرات، ليس الشعب الفلسطيني وحسب، بل والشعوب العربية قاطبة، وأن كافة الإجراءات والسياسات الإسرائيلية التدميرية والمنافية لكافة القوانين الإنسانية والدولية التي دأبت وما زالت عليها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تأتي في سياق التتويج العملي والملموس لقرار وعد بلفور المشؤوم الذي ما زال شعبنا الفلسطيني يقدم التضحيات الجسام من أجل حقه بالعودة وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة.
والإجراءات التصعيدية لحكومة نتنياهو الإرهابية، ما زالت تنتج ذات السياسة التدميرية، خاصة بشأن توسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي، ومحاولات تهويد مدينة القدس، ومحاولات تغيير الوضع القائم في مدينة القدس ومحاولات غلاة اليمين في الحكومة والكنيست الإسرائيليين لتغيير “الوضع القائم” في المسجد الأقصى المبارك، والذي يحول دون دخول اليهود للصلاة في باحة المسجد بداعي وجود “جبل الهيكل” الذي ينذر باشتعال الأوضاع في المنطقة.
تمر ذكرى الوعد – الجريمة، وشعبنا يواجه ظروفاً بالغة الخطورة والتعقيد تتعرض فيها القضية الفلسطينية والمشروع الوطني برمته لتحديات جسام، لاسيما في ظل استمرار جريمة الحرب الموصوفة والإبادة الجماعية وإرهاب الدولة المنظم والتطهير العرقي في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، وفي ظل تواصل السياسة العدوانية للاحتلال من اغتيال واعتقال وحصار ودمار ونهب للأرض وتجريف للمزارع وهدم للبيوت وتهجير للسكان، واستمراره في تهويد مدينة القدس والاعتداء على المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية.
إن جملة الأوضاع السابقة، تتطلب توحيد الجهود ورص الصفوف وتغليب المصلحة الوطنية العليا لشعبنا الفلسطيني ونبذ الخلافات وإنهاء حالة الانقسام وفق ما تضمنه إعلان بكين، وحشد كافة الطاقات والإمكانيات لمواجهة التناقض الرئيس والمتمثل بالاحتلال الصهيوني وسياساته العنصرية المتطرفة، ووضع خطة عمل وطنية قادرة على مواجهة تحديات المرحلة، وتعزيز صمود شعبنا الفلسطيني الذي يعيش أقسى وأخطر الظروف وأكثرها دقة بفعل إمعان حكومة الاحتلال العنصرية والفاشية بتنفيذ مخططاتها الاحتلالية، وإجراءات تهويد القدس، والاستمرار في تكثيف الاستيطان ومصادرة الأراضي ضمن خطة الضم التدريجي والقوانين العنصرية التي تنذر بتفجير وتدهور الأوضاع، وبخاصة مع تصاعد الحملة المسعورة والمسارات التطبيعية الخيانية من بعض الأنظمة العربية والتي تستهدف الشعب الفلسطيني وثوابته.
شعبنا الفلسطيني وهو يستذكر هذا الوعد المشؤوم، يشحذ الهمم من جديد، ورغم كل المآسي والظروف التي يواجهها، تجده أكثر استعداداً وإصراراً على الصمود والتحدي حتى نيل حريته واستقلاله وتحقيق مشروعه الوطني القائم على حق العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
على المجتمع الدولي بحكوماته وشعوبه ومنظمات مجتمعه المدني اتخاذ الموقف بالتحرك الفاعل من أجل وقف هذا العدوان المدمر لشعبنا ووطننا، ووضع حد لممارسات الاحتلال وتأمين الحماية الدولية لشعبنا وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ومعاقبة الاحتلال على جرائمه، فإرهاب الاحتلال المنظم ومستوطنيه يتصاعد في مواجهة شعبنا الأعزل، ضمن توجهات حكومة الإرهاب والعنصرية التي تترجم سياساتها على أرض الواقع بأبشع أنواع الإرهاب والعربدة، دون أي رادع من العالم أجمع، مما ينذر بتفجير الأوضاع في المنطقة.
نطالب بريطانيا بامتلاك الشجاعة السياسية والأخلاقية والاعتراف بدولة فلسطين، ورفع الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني وتصحيح الخطأ التاريخي الذي لحق بشعبنا جراء وعد بلفور المشؤوم، الذي تتحمل مسؤوليته بريطانيا التي قدمت بموجب هذا الوعد الزائف فلسطين (وطناً قومياً للشعب اليهودي)، حيث قدم من لا يملك الحق بفلسطين لمن لا يستحق، وعلى الدول الأوروبية تحديداً ودول العالم أجمع أن تبدأ بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية والتعامل مع دولة فلسطين على قاعدة المركز القانوني الجديد لدولة فلسطين تحت الاحتلال، والاعتراف بدولة فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ودعم إقامتها لتكون دولة للفلسطينيين لينعموا بالحرية والسلام في ربوع وطنهم الذي لا وطن لهم سواه.