-ملفات وتقارير

“الموقف الليبي” في حوار خاص مع الشاعر “علي كمال النكاع” الفائز بلقب أمير القوافي الموسم الثاني

أجرى الحوار – منى بن هيبة:

قرأ للمتنبي حتى ظل يقرأ نفسه من خلال الحرف الذي طوعه ليشكل قافيته الأولى معبرا عن تجربة الحياة الأولى فكانت باكورة تجربته الشعرية قصائد مستوفاة، ولم يقف عندها كما هو الحال لدى العديد من المحاولات الشعرية التي تلاشت وتحورت لجناس أدبي آخر، عرفناه من خلال قصائده التي يبثها حرفا مكتوبا تارة ومنطوقا تارات ليتفاعل معه جمهوره عبر منصات التواصل الاجتماعي، نشر بعض نصوصه في كبريات الصحف الورقية المحلية وتنبأ الناشرين بمستقبل واعد لقافيته، ومؤخرا توج بلقب أمير القوافي في جانب الشعر الفصيح من خلال مشاركته في الموسم الثاني من برنامج أمير القوافي هو علي كمال النكاع، التقيناه وهو منهمك باستقبال التهاني إلا أنه استقطع لنا من جيب وقته فكان الحوار التالي:

ماذا ستخبرنا عن البدايات؟

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، كان الشعر الشعبي هو البوابة الأولى للشعر الفصيح، وقد برَقَ بي برقُه، ونزَعني عِرقُه، فوجدت نفسي أحاوله من آثار الأولين، وللمتنبي النصيب الأكبر في ذل.

كيف تبدأ القصيدة لديك؟ وبأي مفهوم لها تعمل؟

الشِّعرُ ما أتاك انسيابا، لا ما أتيتَه اغتصابا، أرى نظمَ الشعرِ تحت نظرة القواعد شيئا ميّتا لا روحَ سكنته، فالقصيدة لا تُبتدَأُ إلا بإحساس صادق وأما مفهومها، فالقصيدة إن لم تُكتب بروح شاعرها فلن تكون قصيدة.

لو طبقنا هذا المفهوم على إحدى قصائدك فماذا ستختار من بين مجموع ما كتبته في الشعر يا ترى؟
متى العروبة؟ فينا حُكِّم القزمُ.
يقول الشاعر الفرنسي “ملارميه” إن الورقة البيضاء هي هاجس الشعراء، فيما يقول آخرون أن الصمت أو التوقف عن الكتابة هو جزء من الكتابة نفسها فماذا تقول أنت؟
الشعر كون، والكون له مواسم وفصول، له بحار وصحارى، والشاعر يعيش الشعر لا يكتبه فقط.
الكثير من الشعراء توقفوا عن تجربة القصيدة الأولى، وآخرين وجدوا أنفسهم في حقل أدبي آخر، بم تعلل هذا؟
كما يقول الحطيئة ( الشعر صعبٌ وطويلٌ سُلَّمُه)، الشعر يستنزف ما يستنزف من شاعره، ومن بخل على الشعرِ بخل الشعرُ عليه، الشعر يحتاج لنَفَسٍ طويل، لنَفَسِ عُمرٍ كامل.
قصيدتك الأولى هل خرجت بعد مراحل من نضج النكاع كقارئ، أم ماذا حدث بالضبط؟
كل شاعر لا بُدَّ أن يحبو في بداياته، هذه مرحلة أساسية للنضوج.
كيف جاءت المشاركة في المنافسة على إمارة الشعر؟
جاءت المشاركة عن طريق محبتي للشعر، وأنا حريص على إحياء ما مات منه عندنا.

من قارئك الأول؟

نفسي، ولا أكتب إلا ما ترتضيه.

من خلال تصفحي لتفاعل متابعيك مع قصائدك الفصيحة توقفت عند استخدام الغالبية للهجة الدارجة أو المحلية، باعتقادك هل وجد النكاع قارئه الحقيقي؟
على الشاعر أن ينطق بما في خواطر الناس، أن يكون قريبا منهم، ما فائدة الشعر الذي تبحث عن قارئ له؟، الشعر إن لم يصل للكلمات.
الشاعر هو كاذب يقول الحقيقة دائما كما يؤكد جان كوكتو، وهناك قول مشهور يؤكد أن أعذب الشعر أكذبه، ولو أنصتنا للخليفة العباسي هارون الرشيد لوجدناه يقول للأصمعي”إن كنت صادقا فقد أتيت عجبا وإن كنت كاذبا فقد أتيت أدبا، كيف تتعامل مع جوهر القصيدة لتقدم للقارئ الإدهاش وتتمكن من التأثير؟

الشعر حيلة أشبه بالسيناريو الدرامي، والشاعر بطبيعته يُجيد الحبك والسبك فيُحسن الإمساك بالقلوب والعقول لآخر القصيدة، أمر صعب جدا، وأما التأثير فهو الكتابة للناس.
كيف تشكل وعيك بالقصيدة؟

هذا كالحياة، كلٌّ يتشكّل وعيه حسب تجاربه وقراءاته.
لمن تقرأ؟

الشعر جملة قديمه وحديثه، حيثما وُجد الشعر وُجِدتُ.

متى تكتب، ومتى تقرأ؟

كلُّه يأتي بلا موعد، والشاعر مزاجيّ.

يرى بعض النقاد أننا نعيش حالة ولادة مدرسة شعرية حداثية، بين قيود التبعية وقلق التجديد تقف الكثير من التجارب الشعرية الناشئة، فأين تقف أنت؟

لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فلنجدِّد ولا نتشدَّد، شِعرُنا أصولُهُ الأوَّلون، ونحن فروع لهم، ولا حياة للفرع إن انفصل عن أصله، ولكن هذا لا يعني التقليد لهم، فلنكتب البديع الجديد امتدادا لا ابتعادا، وفي اعتقادي من ينادي بالتجديد المزعوم قد وقع فيما نفّر عنه وهو التقليد الأعمى، فأقحم لنا أساليب أدب ليست من هويتنا، حفاظك على هويتك لا يعني ألا تتجاوز حدود المدن ولا تسافر، سافر ما شئت ولكن لا تُضِع هويّتك.

الكثير من الشعراء أصحاب تخصصات علمية بعيدة جدا عن الأدب، ماذا عنك؟

وأنا منهم.
تفضل بالقول ختاما

أشكركم على الحوار الرائع، حديث لا يُمَل، شكرا لطيب أخلاقكم.

زر الذهاب إلى الأعلى