الصفة ضابط.. والمهنة جليسة أطفال
بقلم/ عفاف الفرجاني
لا شيء يستفزني أكثر من الإساءة إلى أي سيدة ليبية، والتي قد تصنف وفق بعض المفاهيم الخاطئة بالإساءة اللفظية أو الجسدية، وهذه لا أعتبرها إساءة لأنها جريمة يعاقب عليها القانون، وإن غاب في بلادي تطبيقًا فهو موجود تشريعًا، ولكن هناك إساءات وجرائم لا تدخل تحت أي بند من بنود القانون ولا العرف، إنها انتهاك صريح لكرامة المرأة الليبية، ومن أمثلتها المرأة في المؤسسة العسكرية، منذ سنوات تجاوزت العقد من الزمن جرت العادة على اعتبار مشاركة المرأة في المؤسسة العسكرية أمرًا مخجلًا وذكوريًّا، هذا الفكر الدخيل الذي تمكن من المؤسسة العسكرية ممنهج ومؤدلج، واستطاع المروجون له تطبيقه على المؤسسة العسكرية في المنطقة الغربية تحديدًا العاصمة طرابلس.
من يظن أن الفكر التكفيري اقتصر على الذبح والقتل والتنكيل والعنف فهو مخطئ، الفكر التكفيري هو سلوك استهدف بعض العقول وترسخ، وترجم على أرض الواقع، لتكون أولى ضحاياه المرأة، ما دفعني إلى تسليط الضوء على هذا الملف هو امتعاض إحدى الضابطات التي تتبع المنطقة العسكرية طرابلس وهي تشكو القهر، عندما جاءهم قرار مهين لكرامتهن، حيث كلفت الضابطات في تلك المنطقة بمهام تشغيل ناد اجتماعي للأطفال، حيث يقمن بالإشراف على الألعاب والترفيه على أبناء الضباط في المنطقة لتتفرغ أمهاتهن للمناسبات الاجتماعية الخاصة، وتقف الضابطة العسكرية لتعمل جليسة أطفال، وعند الاستقصاء وصلت إلى ما هو أنكى، أنه من تتخلف منهن تتعرض لإيقاف مرتبها وفصلها عن العمل.
لا أعتقد أن هذا القرار يستهدف استغلالهن في أعمال بعيدة عن حجم المسؤولية التي وجدت من أجلها العسكرية، بل لإجبارهن قسرا والضغط عليهن لترك هذا المجال، عند تواصلي مع إدارة التفتيش التابعة لوزارة الدفاع، أنكروا القرار، في الوقت الذي تم فيه إيقاف رواتب بعض الأخوات.
لوهلة تجد نفسك تتعامل مع كيان عصابي خطير لا يمت إلى المؤسسة العسكرية التي تجاوز عمرها الستين عامًا، التي امتهنت فيها المرأة الليبية العسكرية بقوة وإصرار لتسطر تاريخًا مشرفًا تفخر به أمام العالم، هذا الفكر الدخيل الذي أصبح سوسا ينخر مجتمعنا ليتمكن من تحجيم دور المرأة، هذه ليست بالمرة الأولى التي يتعمد فيها إهانة كرامة المرأة حتى خارج هذا القطاع،
فهذه الميليشيات المقننة التي تنتحل مرة صفة الجيش ومرة صفة الدولة حاولت أيضًا أن تمنع النساء من السفر بمفردهن دون مرافق من الذكور، في الوقت الذي سمحت فيه الأراضي المقدسة لسيدات بزيارتها بدون محرم لتطور منظومة الأمن وحتى سهولة المواصلات.
كما قامت أيضًا بمضايقة النساء في الحرم الجامعي في فترة ما، مما أجبر البعض منهن على عدم مواصلة الدراسة، وفي كل مرة تقاتل المرأة من أجل انتزاع حقها، واليوم نطالب نساء المؤسسة العسكرية القويات باستعمال قوتهن وقدراتهن الشخصية على التصدي لهذا التقزيم والضغط على إرادتهن حتى لا يفقدن مكتسبات أعطيت لهن تكريمًا وتقديرًا.