فوبيا الإسلام والتضليل الإعلامي
بقلم/ ناصر سعيد
“طوفان الأقصى” أعاد القضية الفلسطينية وأحياها كقضية عادلة لشعب مضطهد يعاني الظلم والحرمان من حقه في الحياة في وطنه بسلام، يواجه في كل لحظة آلة القتل والتدمير وهواجس المطاردة والسجن والتعذيب والتجويع والحصار والتهجير.
العدوان الصهيوني الغاشم على غزة في أكتوبر الماضي أعاد القضية إلى المشهد الدولي، وتضامنت شعوب الأرض مع الشعب الفلسطيني الأعزل الذي تعرض للإبادة الجماعية على مسمع ومرأى الجميع، ورأى العالم المشاهد المروعة والأعمال الوحشية التي ترتكب بحق أهل غزة وبحق الإنسانية من قتل جماعي وتدمير للبيوت على رؤوس ساكنيها، لقد فهم العالم وعرف حجم العنجهية الصهيونية والظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وندد بتلك الجرائم في مظاهرات عمت الميادين والساحات في مدن عديدة من دول العالم.
لكن الأهم أيضًا أن القضية الفلسطينية التي عادت بقوة إلى المشهد العالمي بيَّنت حقيقة الظلم الذي أسقط نظرية التضليل السلبية على شيطنة الإسلام، الذي طالما ألصق به الغرب تهم الإرهاب والتطرف أمام شعوبهم، والتي اكتشفت بفضل تطور الوسائط الإعلامية وانتشارها زيف وكذب حكوماتهم، وفضحت الكيان الصهيوني المتوحش وأعماله الإرهابية وداعميه من خلال تلك المشاهد الحية، بعد أن حاولت وسائل الإعلام الغربية السيطرة بشكل كبير على الخطاب العام حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتميل هذه الوسائل إلى تقديم إسرائيل كضحية لهجمات حركة المقاومة، بينما تقدم الفلسطينيين كإرهابيين، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك التضليل الإعلامي الذي مارسه الكيان الغاصب خلال بداية عدوانه على قطاع غزة، حيث نشر جيش الاحتلال صورًا مفبركة تظهر قيام مقاتلي القسام بإطلاق صواريخ من المناطق السكنية في غزة، وقد تم استخدام هذه الصور في وسائل الإعلام الصهيونية والدولية لتبرير هجماتهم على المدنيين الفلسطينيين.
أيضًا حاولت قطعان الصهاينة تغيير الجاني فيما يتعلق بقصف المستشفى، وقد تم استخدام أدلة مفبركة في وسائل الإعلام الصهيونية والدولية لتشويه صورة المقاومة وشرعنة الهجمات العدوانية على العزَّل.
وقد أدى التضليل الإعلامي الصهيوني إلى تشويه صورة الحرب على غزة، وإظهارها على أنها حرب بين دولة الكيان وحركة حماس، وليس مع الشعب الفلسطيني، بهدف تقويض الدعم الدولي للشعب الفلسطيني، وشرعنة الاحتلال.
لم يقتصر التضليل الإعلامي على تشويه صورة الحرب على غزة، بل امتد ليشمل أيضًا إخفاء جرائم الكيان ضد المدنيين الفلسطينيين، حيث ارتكب خلال حروبه على غزة جرائم لا تُعد ولا تُحصى، من بينها: قتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، أغلبهم من النساء والأطفال، وتدمير البنية التحتية بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمنازل، وفرض حصار خانق أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية، فيما لعبت الولايات المتحدة دورًا رئيسيًّا في دعم الكيان وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني.