ملفات وتقارير

عام من العدوان الهمجي على الإنسانية في غزة ولبنان وسوريا واليمن

متابعات – سيد العبيدي :
دفع تواطؤ المجتمع الدولي الكيان الصهيوني إلى ارتكاب المزيد من الجرائم ضمن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها منذ عام على قطاع غزة التي توسعت مؤخرًا لتشمل “لبنان وسوريا واليمن” إلى جانب الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة الذي يشهد حربًا مستعرة، فقد فيها نحو 45 ألف مواطن حياتهم، بينهم أطفال ونساء، وأكثر من 100 ألف جريح، بالإضافة إلى قيام الاحتلال بتدمير كافة مقومات الحياة في القطاع المحاصر منذ قرابة العقدين من الزمن، حتى أن نسبة الفقر في غزة بلغت 100% وفق إحصائيات رسمية.


وتشن إسرائيل حربًا مماثلة لتلك التي تقوم بها في غزة على دولة لبنان، أدت إلى سقوط نحو 3 آلاف شهيد حتى الآن وآلاف الجرحى، وتسببت في تدمير البنية التحتية والمستشفيات والمدارس ودور العبادة، كما طالت الحرب الظالمة أطقم الدفاع المدني والصحفيين والعاملين في المنظمات الإغاثية والإنسانية وأفراد المطبخ الدولي ومنظمة الأونروا للإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وكذلك طالت الحرب الصهيونية المسعفين والأطفال والنساء، ودمرت المنازل والممتلكات العامة والخاصة في تطور خطير ينذر بكارثة إنسانية على المستوى العالمي نتيجة انهيار منظومة العدالة الدولية وعدم قدرتها على ردع الكيان الصهيوني الذي بات يهدد البشرية جمعاء دون تفرقة.
وبعد دخول الحرب على غزة عامها الثاني على التوالي ما زال العالم يؤدي موقف المتفرج على حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة دون القدرة على محاسبة قادته أو وقف العدوان الذي بدأ يتوسع ويهدد منطقة الشرق الأوسط بأكملها في ظل عجز دولي وصمت عربي ودعم غربي غير منقطع لهذا الكيان المارق الذي تجاوز كافة الخطوط الحمراء في حرب الإبادة التي يشنها على المدنيين العزل في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن.


حصار مخيم جباليا
وفي قطاع غزة يفرض جيش الاحتلال الصهيوني حصارًا خانقًا على مخيم جباليا شمال القطاع لليوم التاسع على التوالي، وذلك للمرة الثالثة في غضون عام، إذ تحاصر قواته المخيم وبعض المناطق المحيطة به، بزعم تضييق الخناق، وتشديد الحصار على شمالي قطاع غزة لعزله عن مدينة غزة، بينما هدف الاحتلال تهجير الفلسطينيين من بيوتهم، ويكثف جيش الاحتلال عملياته لتدمير ما تبقى من منازل ومنشآت وممتلكات للفلسطينيين شمالي القطاع، في حين يبدو أن الاحتلال يسعى إلى توسيع المناطق العازلة التي يعمل عليها منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023.
وكشفت هيئة البث الصهيونية، في منتصف سبتمبر الماضي، المقترح الصهيوني الجديد حول مستقبل غزة، ويحمل اسم “خطة الجنرالات”، التي تستهدف السيطرة العسكرية الدائمة على شمال القطاع، وتهجير سكان المنطقة إلى جنوب القطاع.
وأفادت الهيئة بأن ضباطًا صهاينة اقترحوا الخطة بداية شهر سبتمبر الماضي، وتقضي بتحويل شمالي قطاع غزة إلى منطقة عسكرية مغلقة، تحت ذريعة أن عزل جزء من شمال القطاع وإخضاعه لسيطرة عسكرية دائمة، كفيل بهزيمة حركة “حماس”.


تهجير السكان وهزيمة المقاومة
كما كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، الجمعة، أن الحصار الذي فرضه جيش الاحتلال على مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، قد يستمر لأشهر، ويأتي في محاولة لتطبيق “خطة الجنرالات” لتهجير حوالي 300 ألف مواطن من شمال القطاع إلى جنوبه، كما تنصّ الخطة على تهجير السكان، عبر ممرين آمنين قبل فرض السيطرة العسكرية الكاملة على المنطقة الشمالية بالقطاع، كما تقضي الخطة بالسيطرة على منطقة تشكل قرابة ثلث مساحة القطاع.
وتفترض الخطة أن الاستراتيجية الحالية للجيش الصهيوني المتمثلة في شن غارات على غزة، ليست فعالة بما يكفي لإرباك “المقاومة الفلسطينية”، وفرض ضغوط كافية عليها لإعادة الرهائن المحتجزين لدى المقاومة في غزة.


العدوان الصهيوني على لبنان
وفي شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة تواصل إسرائيل شن غاراتها الجوية المكثفة على الضاحية الجنوبية منذ انطلاق حملتها العسكرية على قطاع غزة قبل أن توسع عملياتها العسكرية في لبنان عقب اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، حيث بدأت عملية برية مطلع أكتوبر الجاري في مختلف الأراضي اللبنانية أودت بحياة أكثر من 2141 شهيدًا وأكثر من 10 آلاف جريح بحسب وزارة الصحة اللبنانية.
ومنذ 23 سبتمبر الماضي تشن إسرائيل حربًا على لبنان، عبر غارات جوية غير مسبوقة كثافة ودموية استهدفت حتى العاصمة بيروت، بالإضافة إلى محاولات توغل بري بدأته في الجنوب، متجاهلة التحذيرات الدولية والقرارات الأممية، كما أدى العدوان الصهيوني على لبنان إلى نزوح نحو مليون مواطن من الجنوب اللبناني بعد تدمير كامل للمنازل والممتلكات العامة والخاصة والبنية الأساسية وخطوط المياه والكهرباء والطرق والجسور وتجريف الأراضي الزراعية وإلحاق أضرار غير مسبوقة بالسكان.

العدوان على مدينة الحديدة اليمنية
وقبل نحو أسبوعين شنّت الطائرات الحربية البريطانية والأمريكية الإسرائيلية، عدوانًا استهدف مدينة الحُدَيْدَة الساحلية على البحر الأحمر غربي اليمن، وأدى إلى تدمير خزانات النفط في ميناء رأس عيسى، وغارات أخرى على محطة الحالي لتوليد الكهرباء في الحديدة، بينما استهدفت غارات أيضًا مطار الحديدة الدولي. وبحسب وزارة الصحة اليمنية ارتقى 4 شهداء وجرح 29 شخصًا نتيجة العدوان الصهيوني على محافظة الحُدَيْدَة.
وبحسب مصادر أمنية يمنية، أكثر من 10 غارات جوية استهدفت ميناء الحديدة والانفجارات هزت مدينة الحديدة غربي اليمن، ما أدى إلى اشتعال النيران في خزانات الوقود في ميناء الحديدة وسحب الدخان تتصاعد بكثافة من جراء الغارات. وبيّنت المصادر أنّ أمريكا منحت الضوء الأخضر للعدو الصهيوني الذي يعيش النشوة، وعليها أن تتحمّل تبعات ذلك، مشددًا على أن أمريكا فشلت في عدوانها على اليمن والعدو الصهيوني سيفشل أيضًا في تحقيق أهدافه.


العدوان على سوريا
والأحد الموافق 6 أكتوبر الجاري شنت الطائرات الحربية الصهيونية ضربات جوية أصابت مواقع عسكرية في وسط سوريا، حيث اقتصرت الخسائر على الماديات، بحسب بيان لوزارة الدفاع السورية.
وقالت وزارة الدفاع السورية إن العدو الإسرائيلي شن عدوانًا جويًّا على سوريا مستهدفًا عددًا من المواقع العسكرية في المنطقة الوسطى، ما أدى إلى وقوع خسائر مادية. ودخل عشرات الآلاف من الأشخاص إلى سوريا خلال الأسبوع الماضي، هربًا من الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة على لبنان.


الاغتيالات.. هواية الاحتلال المفضلة
وبجانب هذه الجرائم المروعة والبشعة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني المجرم بحق الأبرياء في غزة ولبنان وسوريا واليمن للعام الثاني على التوالي يواصل ممارسة هوايته المفضلة التي نشأ وتأسس عليها وهي اغتيال القادة السياسيين للمقاومة للتغطية على فشله في الميدان، حيث اغتال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في جنوب لبنان والشيخ صالح العاروري القيادي في حركة حماس وعددًا كبيرًا من قادة حزب الله السياسيين في محاولة لكسر إرادة المقاتلين في ميادين القتال الذين ثبت تفوقهم على أقوى الجيوش في المنطقة والمدعومة عسكريًّا من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين، بأحداث أنواع الأسلحة الحديثة.


صمت دولي مخزٍ وانتهاك للقانون الدولي الإنساني
وقال مراقبون إن المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ولبنان تعتبر انتهاكًا واضحًا وصريحًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومما لا يدع مجالًا للشك فهي جرائم حرب علنية أمام العالم أجمع وسط صمت المجتمع الدولي المخزي دون اتخاذ موقف ضد الاحتلال الإسرائيلي على استمرار مجازره في حق أهل غزة منذ السابع من أكتوبر العام الماضي.
وطالب المراقبون، المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتدخل لضرورة وقف الإبادة الجماعية التي ترتكب ضد أهل غزة على مدى أكثر من عام من الحرب الغاشمة التي يشنها الاحتلال على الأبرياء، بينما لم يستطع هزيمة المقاومة في أرض الميدان ولجأ إلى سياسة الاغتيال المفضلة لديه منذ نشأته، فهو دائمًا يميل إلى سياسة الغدر والجبن في عملياته ضد خصومه، ولا يخوض معارك عسكرية بشرف مثل الجيوش النظامية التي تحتكم إلى القانون الدولي الإنساني في الحرب، لذلك هو يفضل جريمة الاغتيال ويعتبرها إنجازًا عسكريًّا، بينما هي عمل دنيء وجبان يؤكد فشل صاحبه في ميادين القتال.


موقف عربي متخاذل ومرتبط بأمريكا
وقال محللون وباحثون إن الأنظمة الرسمية العربية ليس مطلوبًا منها إرسال جيوش لتحارب في قطاع غزة، بل المطلوب منهم اتخاذ موقف عربي موحد لإنقاذ السكان من المأساة الإنسانية المتعلقة بحصار وقتل شعب أعزل.
وأرجع هؤلاء تخاذل الموقف الرسمي العربي في نصرة الفلسطينيين الذين يقتلهم الاحتلال في القطاع المحاصر إلى ارتباط معظم الأنظمة الحاكمة بالقوى المهيمنة وخاصة الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، مؤكدين أن أحد الأسباب التي جعلت إسرائيل تستبيح الدماء الفلسطينية في غزة مرتبط بقناعتها إلى حد بعيد بعدم وجود رد فعل عربي مناسب للفعل الإسرائيلي.
وقال المحللون إن بعض المواقف تتماهى مع الموقف الإسرائيلي في إلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية، ومواقف تحاول الضغط باتجاه تحقيق هدنة إنسانية، ومواقف أخرى خارج الخدمة ولا صوت لها إزاء ما يحدث في غزة. ودعا المحللون الأنظمة العربية إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات ومن المواقف الملموسة والمؤثرة لدعم أهل غزة، وأبرزها إلغاء كل أشكال التطبيع مع إسرائيل وطرد سفرائها من الدول التي طبعت معها، بالإضافة إلى استخدام ورقة النفط للضغط على تل أبيب والحلفاء الذين يدعمونها.

زر الذهاب إلى الأعلى