مقالات الرأي

نعمة الألم!

بقلم/ سالم أبو خزام

أحداث متسارعة متوقعة! ثم تحولت إلى شكل دراماتيكي، بوح شاق يعذب النفس فتلفظ زفراتها عذابًا للضمير، يخنقه ويطبق عليه، لكن الصدر غلب وفاض الألم، وبعنفوان تفجر! تفجر بعلو الصوت، فاح وتردد صداه، غلب الضلوع وكل الحواجز! بوح بكل ما انطوى عليه الصدر! ظهر معلنًا عن نفسه، كحشرجة في البلعوم، ثم ينطلق في موجات متتالية، مؤكدًا أنه قد بلغ منتهاه! هنا جلد الذات وتعاستها، بل وتأنيبها، وربما عقابها بسياط الكلمات! وهي تشكل (نعمة للألم!).

اعترافات، لكنها تأخرت بعد ذبحها مثنى وثلاث ورباع، وإزهاق أنفاسها الأخيرة!

هذا (الألم نعمة)، ويشكل ولادة بعسر وخروج، خروج عن كل ما جاء به الذهن، ودمر كل تصور! اتسعت موجات دائرته وتواصلت خطاباته وأعادت تدمير السكوت على الإلحاد! فإذا بها تنزل كتراتيل من السماء! ونحن من ذهب إليهم، وجئنا بهم إلى بلادنا، نحن من يدفع لهم من أموالنا، أموال شعبنا وقوته، على مرأى ومسمع العالمين! ندفع بالدولار لأجل احتلالنا، لم يفعلها غيرنا، أليس حقًّا “من ليبيا يأتي الجديد”، نحن من تسول منهم الحضور، كل هذه الدول الكبرى والنووية، وأيضا الصغرى! لمناصرتنا على قتل الوطن!

يقول (الكوني): إذ يشعر بالألم وهو يمزق أطرافه ويجبر رأسه في حركة دائرية لا تعبر إلا عن الأسف والشعور بأنه خدع! تعبير يحصد الأعماق وليس هناك من غير (الندم)، لكن من خدعه؟ إنه الغرب المعادي، الذي تم تنبيهنا منه لأكثر من مرة!

هل فهمت الدرس؟ هل استوعبته؟ أما قلنا سويًّا (إن المسؤولية معرفة)، فأنتم تجلسون على الكراسي، لكن بلا معنى! وقبضتم ثمن الانهيار، لكنكم تأتون مجبرين لجني ثمار: (الحصاد المر)، ويقول: جئنا بالأجنبي لأجل الانتصار على شريك الوطن، جئنا بالأجنبي لأجل الجلوس وافتكاك كرسي الحكم، وجئنا معًا لأجل السلطة، نعم السلطة والمال.

المال، ولأجل نهبه وإعطائه للأجنبي، لمشاركتنا أموالنا، أموال الشعب، أموال أجيال قادمة، تذهب للأجنبي! مكنا أنصاف المثقفين من الوصول إلى أعلى المراتب، وبدورهم جاءوا بأنصاف المتعلمين للتوغل بكل مفاصل الدولة، لأجل نهبها حيث ضرب الفساد أطنابه في جل المواقع وانتشر فأصبح اليوم الخراب والفساد ثقافة (وفلاحة)! جئنا بالمعاول لهدم بلادنا، بكل أسف، ولن نستطيع الآن أن نفعل شيئًا، فبلادنا تعج بالمرتزقة وبكل من (هب ودب)!

أراد أن يقول: فقدنا السيادة، فقدنا الريادة فقدنا المكانة، جردنا كل المعاني، فقدنا الثقة، ولن نفعل شئيًا، ثم يقول:

شعبنا هو من يفعل لو أراد، فنحن غير شرعيين، ووصلنا إلى كراسينا (كلنا) بشكل مهلهل مهترئ وبكواليس دولية وأنتم تعرفون ماذا تعني جنيف؟

وأراد أن يقول: جئت مع حكومة الوفاق، ثم خرجت مهمومًا باستقالة، استقالة لعلها تفهم وتداوي الجراح! جئت مرة أخرى إلى المجلس الرئاسي لكنه واهن ولا يقوى على الوقوف، ممزق، بخيل حتى لكتابة موقف أو نفخ النار! فالمجلس أسير الأجنبي، أسير التشكيلات، ينصت باهتمام للإسلام السياسي، ليفرق ويشتت، ويقبض الأموال و”هلم جرا”.

الكوني يعض أصابع الندم، ماذا نحن فاعلون؟ الجواب: الماضي لن يعود، الحاضر لن يسود، وللمستقبل كلنا جنود، وكفى!

زر الذهاب إلى الأعلى