مبدأ استشارة هيئة التحكيم بتسوية المنازعات
بقلم/ غادة الصيد
إن تحقيق فاعلية التحكيم في منازعات الاستثمار يتطلب احترام اتفاق التحكيم، أي في حالة اتفاق الأطراف على تسوية النزاع القائم بينهم بطريق التحكيم، فإنهم بذلك الاتفاق قد منحوا هيئة التحكيم الاختصاص في الفصل في النزاع، ويترتب على ذلك استبعاد أي طريق آخر لتسوية النزاع، ولا يحق للأطراف الالتجاء إلى القضاء الوطني بطلب الفصل في النزاع محل التحكيم، فبعد الاتفاق على التحكيم، يمنع القاضي من نظر الدعوى، وذلك عندما يدفع المدعى عليه باتفاق التحكيم ويتمسك به.
ثم إن التزام الأطراف بمنح المحكم سلطة الفصل في المنازعة، محل الاتفاق على التحكيم، أي استشارة هيئة التحكيم بتسوية النزاع، يعتبر تأكيدًا لمبدأ القوة الملزمة لهذا الاتفاق، وذلك لأن مبدأ العقد شريعة المتعاقدين من المبادئ المستقرة في القانون الدولي للعقود، ويجب أيضًا لتحقيق فاعلية التحكيم الدولي في منازعات الاستثمار أن يكون القانون المحلي مستعدًا للتمكين من اتخاذ قرارات دولية فعالة، ففي حالة الضرورة يقوم بالمساعدة في تشكيل هيئة التحكيم وإعطائها – سواء بشكل مباشر أو عبر محاكم الدولة – الصلاحيات التي تحتاج إليها والمتطلبة للقيام بمهامها بفاعلية وكفاءة، وأيضًا لا بد من أن تكون الدولة المضيفة مستعدة للاعتراف بقرارات التحكيم وتنفيذها، إذا أرادت هذه الدولة الاعتراف في الخارج بقرارات التحكيم التي تصدر فيها، ومن ثم فإن استشارة هيئة التحكيم بالفصل في النزاع تعمل على تحقيق الفاعلية لعملية التحكيم وتكفل استقلال هيئة التحكيم بنظر النزاع، دون أن يكون هناك أي تدخل من جهات قضائية أو إدارية.
ولكن هناك استثناء من مبدأ استشارة هيئة التحكيم بتسوية المنازعات وهو عندما يقوم أحد أطراف النزاع، باتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية تهدف إلى إسعاف الخصوم بإجراءات وقتية سريعة ريثما يفصل في أصل الحق، والتي تعتبر صورة من صور الاستعجال، وتعبر عن الحاجة الضرورية لتوفير الحماية القضائية بغرض تجنب وقوع ضرر يتعلق بالحقوق والمراكز القانونية المراد المحافظة عليها، فالاعتراف لهذه المحاكم بهذه الإجراءات لا يؤثر على فاعلية التحكيم، ذلك لأن تدخل قضاء الدولة يهدف إلى مساعدة قضاء التحكيم لتحقيق العدالة، ولا يتدخل في نظر النزاع الموضوعي، بتلك الإجراءات الوقتية أو التحفظية.