عواجل الشهداء
بقلم/ عفاف الفرجاني
كعادتي أطارد العواجل على تطبيقات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية للاطمئنان على أهلنا في فلسطين ولبنان بعد الأحداث الدامية الأخيرة، جل الفضائيات العربية الرسمية بثها التلفزيوني هادئ وعلى رتم روتيني، حتى بعض القنوات يظهر فيها شريط العواجل يتناول كل الأحداث إلا أحداث لبنان وفلسطين غائبة، حتى إنه شدني في أهم قناة عربية رسمية لها رمزية دينية خبر أول أن رئيس هيئة الترفيه عندهم يعلن انطلاق موسم العاصمة، ثم انتقلت إلى قنوات عربية أخرى اعتقدت أنها أكثر جدية، لأجد الخبر الأول وقد أخد طابع الأهمية يتحدث عن المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأمريكية كامالا هاريس، أن نتائج فحصها الطبي الشامل أجراه طبيبها، ويفيد بأنّها تتمتع بصحة جيدة، ويمكنها تقلد المنصب الرفيع، وذلك لتفنيد الكذبة التي سوقت ضدها من قبل نظيرها الجمهوري دونالد ترامب بعد نشره سجلاتها الطبية.
ومن الأخبار المهمة التي تسبق حمامات الدم في لبنان وفلسطين، نشرت قناة عربية أخرى للمملكة في عواجلها أن ملكها أثنى على مواقف دول كبرى، مثل الولايات المتحدة، وفرنسا وبريطانيا التي دعمت بوضوح الوحدة الترابية لمملكته، وأشاد بافتتاح عدد من هذه الدول قنصليات لها في بلده، هذا غير عواجل تصفيات كأس أمم أفريقيا، وأخبار المهرجانات.. الخ.
في الوقت الذي تعلن فيه وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفاع عدد ضحايا حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة إلى 42 ألفًا و175 شهيدًا، مع استمرار حرب الإبادة، بينما معظم القنوات العربية لم تذكر ارتكاب العدو الصهيوني خمس مجازر ضد عائلات في قطاع غزة خلال الـ24 ساعة من كتابتي لهذا المقال، ارتقى بسببها 49 شهيدًا و219 حالة إصابة، وهناك ضحايا تحت الركام، في هذا اليوم وأنا أستطرد العواجل في قنوات المقاومة أن هناك غارات إسرائيلية عنيفة استهدفت خطوط الضغط العالي قرب محطة وقود في البقاع، أدت إلى انقطاع الكهرباء في منطقة كاملة وحالة من الهلع تسيطر على المدينة، وأن هناك غارات إسرائيلية أخرى على مناطق متفرقة أسفرت عن حصيلة تفصيلية تحصلت عليها من بعض القنوات اللبنانية والتي رصدت عدد الضحايا في جنوب لبنان منهم 17 شهيدًا و62 جريحًا. والنبطية: 3 شهداء و41 جريحًا، والبقاع: شهيد و22 جريحًا وبعلبك – الهرمل: 5 شهداء و19 جريحًا، وبذلك ترتفع الحصيلة الإجمالية لشهداء لبنان منذ بدء العدوان حتى يوم أمس إلى 2255، والجرحى إلى 10524.
كل هذا السيل من الدم والدمار تعيشه دولة عربية على يد أعتى قوة عسكرية دولية دون أن يحرك حكام العرب ساكنًا، حتى أنهم استكثروا ذكر الضحايا في عواجلهم التي لا توحي إلا بانحدار أخلاقهم وعمالتهم وانبطاحهم، في ذات الوقت يجتمع الأب الروحي لبعض الحكام العرب بايدن ونتنياهو في مكالمة تعرف بأنها الأطول بينهما أسفرت عن وصف البيت الأبيض الحوار بأنه “مباشر” و”مثمر”، وأنهما اتفقا على البقاء على “اتصال وثيق وسيكون الرد على إيران الداعمة للمقاومة دقيقًا ومفاجئًا، في ذات الوقت وفي الجهة المقابلة نجد النعاج تصدر بيانًا تؤكد فيه التضامن الكامل مع لبنان حكومة وشعبًا، والإدانة الشديدة للعدوان الإسرائيلي المتصاعد عليه، وبعد اجتماعهم رمى ورق البيان وذهب كل منهم لقصره البرجعاجي ليستبدل العواجل بنتفلكس مساءً والمهرجانات ليلًا، ورغم هذا التخلي والجبن العربي لن يرضخ أصحاب الحق عن حقهم، ولن يترسخ المفهوم الإسرائيلي الجديد (الأرض لنا).
بل سيبقى شعار المقاومة أرضنا مقابل سلامكم، انتهت أكذوبة المعاقبة الجماعية للبنان لتحالفها الإيراني، اليوم إقصاء المقاومة ورقة خاسرة، فلبنان شعب واحد وقضية واحدة، هنا العدو أزلي يواصل مده حتى آخر محطات أوطانكم، أيها النائمون.