عام على بدء العدوان ولم تضع الحرب أوزارها!
بقلم/ محمد علوش
انقضى عام الحزن والقهر والمآسي، ولم تضع الحرب أوزارها بعد، فما زال العدوان الإسرائيلي الحاقد قائمًا ومستمرًّا ومتصاعدًا، وقد دخل عامه الثاني بلا توقف، ليزداد إرهابًا وعنصرية وفاشية أكثر مما كان عليه الحال من قبل، وهذا هو الاحتلال وهذه هي الحقيقة التي تعبر عن العقلية الاحتلالية المجرمة التي تنفذ إرهاب الدولة المنظم والتطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني منذ النكبة الأولى.
وإن مرور عام كامل على حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة وفي الأراضي الفلسطينية كافة، والتي اتسعت لتشمل عدوانًا إرهابيًّا واسع النطاق على الشعب اللبناني الشقيق، يتطلب من العالم أجمع ومن كافة الشعوب الحرة أن تعمل على وقف العدوان الفاشي فورًا وبدون تردد، حتى لا يتواصل هذا العدوان ويتسع في ظل الأطماع التوسعية وفي ظل الدعم المفضوح من قبل الولايات المتحدة وقوى الإمبريالية المتوحشة لإسرائيل القوة القائمة بالاحتلال للقيام بحربها التدميرية الشاملة ومحاولاتها فرض المعادلات السياسية والجغرافية الجديدة على مستوى المنطقة تمهيدًا لإقامة ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذي يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها إدماج إسرائيل في النظام الإقليمي وسيطرتها المطلقة على الإقليم لخدمة الأهداف الاستعمارية الأمريكية الإسرائيلية، حيث كشفت الحرب الإرهابية، خلال العام الماضي أن إسرائيل ليست سوى كيان وظيفي في خدمة الولايات المتحدة الأمريكية.
عام على بدء العدوان، وقد تجسد في هذا العدوان كل مقومات حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، فقد ألقى الاحتلال وآلة حرب الهمجيّة الآلاف من أطنان الأسلحة والصواريخ والمتفجرات المحرمة دوليًّا، فأدت إلى ارتقاء نحو 50 ألف شهيد، عدا المفقودين تحت الأنقاض، وأكثر من مئة ألف جريح، إضافة إلى المعتقلين الذين لم يحدد عددهم ولم يعرف مصيرهم بعد، والذين تتحدث بعد وسائل الإعلام “الإسرائيلية” ذاتها عن وجود قرابة 26 ألف أسير فلسطيني في سجون ومعتقلات الاحتلال وبظروف اعتقالية خطيرة في ظل العقاب الجماعي والاستبداد والقهر اليومي والعنصرية الفاشية التي تمارس بحقهم، وبالإضافة إلى الدمار في البيوت والمباني والجامعات والمدارس ودور العبادة والبنى التحتية وكل مقومات الحياة، وتشريد أكثر من 80 بالمئة من أبناء القطاع عن بيوتهم للعيش في ظروف غاية في الصعوبة، في رحلة العذاب التي لم تنته بعد.
كل هذه الإبادة والجرائم بحق الإنسانية لم تكن كافية لتحرك جدي من قبل المجتمع الدولي لوقفها، حيث تواصل دولة الاحتلال الفاشي ارتكاب المجازر بشكل يومي وتتصرف كدولة فوق القانون الدولي والإنساني.
وهذا العدوان الفاشي على قطاع غزة يتزامن معه عدوان آخر يستهدف تقويض السلطة الوطنية والوجود الفلسطيني برمته، وخلق حالة عامة للتهجير، في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ضمن مخططات ضرب الوحدة السياسية والجغرافية للشعب الفلسطيني وأرضه، وكل هذه الوحشية المنفلتة ما كانت لتستمر وتدخل عامها الثاني لولا الصمت الدولي وإمداد دولة الاحتلال بالمزيد من الأسلحة وتوفير الغطاء السياسي والدبلوماسي لها، حيث مثل الصمت العربي والدولي على كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة وتدمير ممنهج تشجيعًا لحكومة نتنياهو الإرهابية ووزراء حكومته الفاشيين العنصريين لارتكاب المزيد من الإرهاب وتوسيع دائرة العدوان لتصل الى الأراضي اللبنانية والسورية وغيرها من البلدان العربية التي تتعرض إلى عدوان وقصف يومي، مع التحضيرات المستمرة للدخول في اقتحام بري لقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى جنوب لبنان ومواصلة ضرب بيروت بالصواريخ وعمليات الإرهاب العدوانية.
مضى عام من كل هذا الصلف والعدوان والعنجهية، وبالمقابل كان عامًا حافلًا بالتضحيات والصمود والبطولة من شعب فلسطين العظيم الذي لم يستسلم والذي رفع هذا الشعار الذي كان قد رفعه أسد الصحراء الشهيد القائد عمر المختار من قبل عندما قال: لن نستلم.. ننتصر أو نموت.
وهذا هو حالنا الفلسطيني الذي لم ولن تنكسر إرادة النضال فيه والتمسك بالحق الفلسطيني لإنهاء الاحتلال ودحره وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، وهذا ما يؤكد عليه الفلسطينيون كل يوم، بأن المعركة مستمرة مهما عظمت التضحيات وتصاعدت أرواح الشهداء لتضيء سماء الحرية، ويستمر نضال شعبنا وتصميمه على تحقيق الأهداف الوطنية، فرغم الخذلان من عالم صمت دهرًا ونطق في بعض الأحيان كفرًا، ورغم اختلال موازين القوى وازدواجية المعايير وفساد وفشل المنظومة الدولية التي لم تكن قادرة أو مؤهلة على الحفاظ على أمن واستقرار العالم بحكم هيمنة الولايات المتحدة واتباعها على القرار الدولي، إلا أننا واثقون بفجر الحرية القادم وبالنصر الذي ستحققه القضية الفلسطينية كقضية عادلة لشعب يقاوم من أجل العدالة وتحقيق السلام للعالم.