أهمية نشر الثقافة الجوية
بقلم/ محمد محمد عيسى
يعتبر النقل الجوي أحد أهم وسائل التواصل بين المجتمعات الحديثة، باعتباره وسيلة سريعة وفعالة للتنقل بين المدن والدول، مما يسهم في تعزيز العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين الشعوب. ومع التطور المستمر في قطاع الطيران، أصبح النقل الجوي أكثر سهولة وإتاحة لشرائح واسعة من المجتمع، مما يساهم بشكل مباشر في تحسين مستوى الرفاهية.
أصبح النقل الجوي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لأفراد المجتمع، ومع التزايد المستمر في عدد الرحلات الجوية والمسافرين، باتت الحاجة ملحة لتعزيز الثقافة الجوية بين أفراد المجتمع. تعد الثقافة الجوية عاملًا أساسيًّا في تحسين تجربة السفر وضمان التزام جميع الأطراف – بما في ذلك المسافرون وشركات الطيران – بالقوانين والأنظمة التي تضمن حقوق وواجبات الجميع. من هذا المنطلق، تأتي لائحة حقوق المسافرين، التي صدرت مؤخرًا بقرار من وزير المواصلات الليبي، لتكون خطوة هامة نحو تعزيز الوعي بحقوق المسافرين وتوفير بيئة سفر آمنة ومنظمة.
إن نشر الثقافة الجوية بين أفراد المجتمع يلعب دورًا محوريًّا في تحقيق العديد من الأهداف التي من أهمها: يساعد في فهم أكبر لدور قطاع الطيران والنقل الجوي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للدول، إن وعي الأفراد بأهمية النقل الجوي يجعلهم أكثر تقديرًا لضرورة الالتزام بالقوانين، وعندما يكون المسافرون على دراية بحقوقهم وواجباتهم، تتحسن تجربتهم بشكل كبير، ويدرك المسافر ما له من حقوق في حال تأخر رحلته أو إلغائها، كما يلتزم بواجباته تجاه الشركة والقوانين، والثقافة الجوية تسهم في تعزيز سلامة الركاب، حيث يكون لديهم وعي بالأنظمة الأمنية والقواعد التي تحكم النقل الجوي.
وتعتبر لائحة حقوق المسافرين الليبية من أبرز التشريعات التي تهدف إلى تنظيم العلاقة بين المسافرين وشركات النقل الجوي. وتشمل هذه اللائحة: حقوق التعويض في حال تأخر الرحلات أو إلغائها، توفير الإقامة في حال تأخر الرحلات الطويلة، والحق في استرداد التكاليف أو الحصول على بدائل مناسبة في حالات معينة.
إن توعية المسافرين بهذه الحقوق يساعد في تعزيز الثقة بين المسافرين وشركات النقل الجوي، ويضمن التزام الشركات بتقديم أفضل الخدمات. على الجانب الآخر، هناك أيضًا واجبات، على المسافرين الالتزام بها، مثل التقيد بالقواعد الأمنية وحمل الوثائق اللازمة، وهو ما يضمن سهولة وسلاسة العمليات الجوية.
وتلعب وسائل الإعلام، سواء المرئية أو المقروءة أو المسموعة، دورًا حاسمًا في نشر الوعي بحقوق وواجبات المسافرين. ومن أبرز أدوار الإعلام في هذا المجال: من خلال تسليط الضوء على اللوائح والقوانين الجديدة، مثل لائحة حقوق المسافرين، وشرحها بطريقة مبسطة يسهل فهمها، وتسهم البرامج المرئية والإذاعية، وكذلك المقالات الصحفية، في تقديم نصائح للمسافرين حول كيفية التصرف في حالات تأخر الرحلات أو فقدان الأمتعة، مما يزيد من وعي الجمهور، وكذلك تسهم وسائل الإعلام في متابعة قضايا المسافرين وتحليلها، بما في ذلك تسليط الضوء على أي انتهاكات لحقوقهم من قبل شركات الطيران أو السلطات.
تلعب مصلحة الطيران المدني دورًا رياديًّا في تنظيم وتطبيق القوانين المتعلقة بحقوق المسافرين، وهي الجهة المسؤولة عن متابعة التزام شركات النقل الجوي باللوائح والقوانين المعمول بها. يتمثل دور المصلحة في: مراقبة تنفيذ لائحة حقوق المسافرين وضمان التزام الشركات بها، ونشر الوعي من خلال حملات توعوية بالتعاون مع شركات الطيران ووسائل الإعلام لتثقيف المسافرين حول حقوقهم وواجباتهم.
من جهة أخرى، تعد شركات النقل الجوي الليبية لاعبًا أساسيًّا في عملية نشر الوعي بين المسافرين. يمكن للشركات القيام بدور كبير في هذا الصدد من خلال: يجب أن توفر الشركات للمسافرين معلومات واضحة وسهلة الوصول حول حقوقهم وواجباتهم عبر مواقعها الإلكترونية، ونقاط البيع، والمطارات، وتعزيز ثقة المسافرين من خلال التعامل العادل والسريع مع أي شكاوى تتعلق بالخدمات المقدمة، بما يتماشى مع لائحة حقوق المسافرين.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة، لا تزال هناك تحديات تواجه نشر الثقافة الجوية، من بينها: كثير من المسافرين ليسوا على دراية بحقوقهم، مما قد يؤدي إلى استغلالهم من قبل بعض الشركات أو الجهات، وهناك حاجة إلى توفير مواد تعليمية حول الثقافة الجوية وحقوق المسافرين بشكل أوسع.
للتغلب على هذه التحديات، يجب على الجهات المسؤولة التعاون مع وسائل الإعلام وشركات الطيران لإطلاق حملات توعوية مستمرة تهدف إلى تعزيز الوعي بالحقوق والواجبات، وذلك من خلال قنوات متعددة تشمل الإنترنت، الإذاعة المرئية، والإذاعة المسموعة.
إن نشر الثقافة الجوية وتوعية المسافرين بحقوقهم وواجباتهم ليس مجرد ترف، بل هو ضرورة لضمان تجربة سفر آمنة وناجحة. تلعب وسائل الإعلام دورًا رئيسيًّا في هذا المجال، بالتوازي مع جهود مصلحة الطيران المدني وشركات النقل الجوي الليبية. إن العمل الجماعي بين هذه الجهات سيضمن تعزيز ثقافة الطيران المدني ويؤدي إلى تحسين الخدمات المقدمة للمسافرين.