مقالات الرأي

عيـــد الثأر يوم وطنــي

بقلم/ ناصر سعيد

كانت إيطاليا تعتقد أن التدخل في شؤون ليبيا عسكريًّا، سيكون مجرد نزهة بحرية، إلا أنها فوجئت بقوة وضراوة المجاهدين في صد قواتها، فبعد الخسائر الفادحة التي تلقتها عقب معركة شارع الشط في 23 أكتوبر 1911، قام الغزاة بتنفيذ أقسى التدابير ضد الأهالي في محاولة لتطويق حركة المقاومة الشعبية، ومنها صدو قرار بنفي عدد كبير من أهالي طرابلس وضواحيها إلى إيطاليا، وكانت أول عملية نفي، في 26 أكتوبر 1911، ضمت 5000 مواطن ليبي، أُخذوا على متن سفن أبحرت بهم إلى إيطاليا، حيث تم توزيعهم على 26 سجنًا في جزر مهجورة.

وعقب معركة القرضابية سنة 1915 قام الفاشست بنفي ما يزيد على 1500 مواطن كإجراء انتقامي لهزيمتهم في تلك المعركة، نُقلوا بوحشية على ظهور السفن، في معاملة لا إنسانية، أدت إلى موت عدد منهم قبل وصولهم، كما أن سوء الحالة الصحية وظروف المعيشة القاسية داخل السجون، أدى إلى تفشي أمراض فتاكة بينهم كالسل والتيفود، أودت بحياة العديد منهم.

بالرغم من هزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية بقي المستوطنون في ليبيا واستمروا يديرون مشروع روما القديم وحلم تبعية الشاطئ الرابع لها، غير أن رياح التغيير جاءت بما لا تشتهي سفن روما في يوم 7 أكتوبر 1970 فغادر الطليان ليبيا باتجاه روما مدحورين لتعود المزارع والمحلات والمصانع للشعب صاحب الأرض، وعادت الحقوق إلى أصحابها.

لقد كان أول اهتمامات ثورة الفاتح في الأول من سبتمبر عام 1969، التي قادها الثائر العقيد معمر القذافي ورفاقه الضباط الوحدويون الأحرار، تحرير الوطن من القوات والقواعد الأجنبية، وبعد إجلاء القواعد الإنجليزية في 28 مارس، والأمريكية في 11 يونيو من عام 1970، تم في السابع من أكتوبر من ذات العام، طرد جحافل الاستعمار الاستيطاني الإيطالي عن بلادنا، يوم اعتبره الليبيون عيدًا وطنيًّا يحتفلون به كل عام، ثأرًا للآباء والأجداد الذين استشهدوا في معارك الجهاد، ولكل المنفيين. 
ولم تتوقف الجهود حتى اعترفت إيطاليا بمسؤوليتها عن فترة استعمارها لليبيا، وأعلنت في 2008 اعتذارها للشعب الليبي عن الحقبة الاستعمارية، وبحقه في التعويض عن الأضرار الفادحة التي لحقت بأبنائه وأرضه. 


إن طرد الوجود العسكري الأجنبي كان من الأولويات الوطنية والقومية لتحقيق السيادة الوطنية وبناء صرح الكرامة والمجد للمواطنين، الذي أصبح اليوم مفقودًا بسبب العابثين من الخونة والعملاء، وعادت ليبيا تحت الوصاية وحكم السفراء يتحكمون في ثرواتها وقراراتها وينتهكون سيادتها ويقررون من يحكم. 


إن إحياء ذكرى عيد الثأر واجب وطني على كل الليبيين، بعد أن حاول العملاء طمسه.. ولنقف معًا ضد محاولات تزييف التاريخ، ومسح الذاكرة الوطنية من أذهان الأجيال القادمة.. لأنه عيد الاستقلال الحقيقي لليبيين، تحررت فيه ليبيا فعليًّا وعادت الأرض وما عليها إلى أصحابها، ولا شك أن الإرادة والعزيمة الوطنية التي حققت الإجلاء ما زالت في قلوب الليبيين صلبة وقوية، وسيعيد التاريخ نفسه وسيتم تطهير ليبيا من المرتزقة والمستعمرين.
الحرية للوطن والسيادة للشعب.

زر الذهاب إلى الأعلى