المصالحة الوطنية
بقلم/ عبدالهادي شماطة
الحديث عن المصالحة الوطنية أصبح من لغو الكلام، كلام من لا حلول عنده لإلهاء المجتمع في جدل عقيم وسوق كسوق عكاظ يبدأ شعرًا وينتهي شعرًا، والإصرار على حديث عن تسويات للماضي تبعدنا عنه سنوات كثيرة، فما الجدوى من الحديث عن مواقف سياسية أو أخطاء حدثت وقد تكون لها ظروفها وهي تصرفنا عن الحديث في الواقع والمستقبل، خاصة وأن جزءًا ممن يطلب التصالح معهم هم من يقودون المشهد، والسؤال الهام من هم أطراف المصالحة المزعومة؟ ومن سيتصالح مع من؟ هل هناك بُعد ديني أو عرقي لكل ما حدث؟
إن كل ما حدث أن للناس مطالب عجزت الدولة عن الاستجابة لها بإجراءات محددة فخرجت الناس للمطالبة بتلك الإجراءات، وانهارت الدولة، واستغلت الدول الكبرى وحتى الهامشية تلك الأحداث لتصفية حسابات مع النظام الليبي، وتدخلت في الشأن الليبي، وأصبح الليبيون لا حول لهم ولا قوة، وتم منعهم من بناء الدولة، وتم دعم الميليشيات لتمنع قيام الدولة، والإصرار على أن تكون ليبيا دولة فاشلة.
لن تأتي المصالحة المزعومة بإصدار قانون ربما صالح لجنوب إفريقيا أو تشيلي، نحن في ليبيا متصالحون وشعب واحد نحتاج إجراءات واضحة ومحددة وهي تتمثل في ثلاث نقاط الأولى: إنشاء صندوق لجبر الضرر لضحايا الحروب، والثانية: معالجة القضية الأساسية وهي الدستور بالاستفتاء عليه أو تعديل بعض مواده وإقراره لينظم الحياة السياسية وبناء المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية، والثالثة: هي دعم القضاء ليكون محلًّا لرد الحقوق والمظالم وعدم سقوط المطالب بالتقادم.
لا نحتاج هذه المصروفات وهذه الخطب العصماء للمصالحة ومسودات القوانين التي تتفنن في خلق عناوين لمشكلات لا يعرفها المجتمع الليبي، وصدق من قال إن الشعوب المتخلفة تموت من الدواء للوصفات الخاطئة لأمراض غير حقيقية.