يدنا المضرجة تدق
بقلم/ ناجي إبراهيم
نتنياهو (لسنا خرافًا تقاد إلى المذبح) مع توعد بيد (إسرائيل) الطويلة التي ستطال أي مكان في منطقة الشرق الأوسط، واعترف أمام العالم ومن منبر الأمم المتحدة بأن جيشه مستمر في قتل قيادات حزب الله، ولم ينكر كل عمليات القتل السابقة.
هذا ما قاله نتنياهو وما توعد به، ومنظمة العالم لم تقل شيئًا، وهي من قالت إنها تأسست من أجل السلام، ومن أجل عالم أكثر أمنًا، وستمنع الحروب، إلا أن ذلك لم يحدث منذ أن انفض اجتماع سان فرانسيسكو عام 1945 بعد أن أعلن عن نظام عالمي جديد لا يشبه النظام الذي كان قبله ولم يمنع الحروب والصراعات والعدوان دفع ثمنها العالم ضحايا بشرية بالملايين، نتنياهو الذي يذبح الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين صباح مساء بأشد أنواع الأسلحة فتكًا وتدميرًا لم يتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم، وبدون خجل يعترف بجرائمه أمام العالم بكامله في خرق واضح وفاضح لميثاق الأمم المتحدة وسط صمت دولي وتأييد ودعم أمريكي وغربي، هذا الغرب الذي رأيناه يهرع في مرات سابقة يدين العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ويطبق عليها العقوبات الاقتصادية والسياسية والقانونية، ولم يستثن حتى العقوبات الرياضية.
وأنا أكتب هذا الموضوع ونشاهد القصف الهمجي والبربري الذي تنفذه طائرات العدو الصهيوني على بيروت والذي وصفه أحد المراسلين بأنه (مشهد مخيف) 2000 طن من المتفجرات ألقت بها الطائرات الصهيونية على الأحياء السكنية في بيروت وسوت مباني بالأرض، كنا قد شهدناه طيلة أحد عشر شهرًا على غزة في أكبر مجزرة عرفتها الإنسانية، وسنسمع بعد قليل التصريحات المكررة من المسؤولين الأمريكيين (من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها)، ولن نسمع إدانة لمثل هذه المجزرة، بل ربما سيظهر علينا الناطقون ببيانات لا تشير إلى الجاني وتنتظر التقارير وستتأكد من مصادرها عن حقيقة ما جرى وربما سيدعون الأطراف لضبط النفس.
سياسة اقتناص الفرص وتصفية حسابات قديمة في ظروف تتطلب حشد القوى القومية من المحيط إلى الخليج لمساندة الشعبين الفلسطيني واللبناني هو خيانة لقضايا الأمة، وعلينا تذكر المثل الذي يقول (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)، ونحن نحصد تقاعسنا عن دعم الشعب العراقي في مواجهة العدوان الأمريكي، بل اصطفاف البعض مع العدوان بسبب تجاذبات طائفية وسياسية، وسقطت بغداد بين فكي التنين الأمريكي ليحولها إلى أشلاء، وشهدنا العرب يصفقون للناتو وهو يدمر ليبيا ويسقط نظامها، بل منحه العرب في جامعتهم المسوغ القانوني لتدمير ليبيا وقتل شعبها، وها هي ليبيا بعد الناتو لم تجرؤ على إطلاق بيان إدانة للمجازر التي تجري في فلسطين ولبنان، وسيستمر التدهور عربيًّا أمام تمادي العدوان الصهيوني المسنود بدعم أمريكي وغربي لإعادة تشكيل ورسم خرائط المنطقة بما يخدم المشروع الصهيوني الصليبي، وتنفيذًا لوصايا تلمودية، وإذا ما استمر هذا الصمت الرسمي والوهن والضعف الشعبي لا نستبعد مصيرًا لا يختلف عن مصير أمتي الهنود الحمر والغجر.
يحاول الإعلام العبري والأمريكي وما يدور في فلكه من إعلام ناطق بالعربية أن يسوقوا لنا أن إسرائيل لن تذهب إلى الحرب الشاملة وأمريكا لن توافق على اندلاع حرب شاملة في المنطقة، ما مفهوم الحرب الشاملة إذا كان الذي يحدث في غزة والضفة ولبنان واليمن ليس حربًا شاملة؟ إذا كان المقصود استخدام أنواع مختلفة من الأسلحة فهذا يحدث، فلم توفر قوات العدو الصهيوني أي نوع من الأسلحة إلا واستخدمته وبقدرات تدميرية فاقت في حجمها وقوتها السلاح النووي، ولم تترك مجالًا جغرافيًّا وإلا وضربت فيه الصواريخ والقذائف الصهيونية وتركت خلفها القتل والدمار والخراب من طهران إلى اليمن مرورًا بالعراق ولبنان، التي شهدت هذا الأسبوع هجمات جنونية وحاقدة تظهر حجم الحقد الصهيوني دون أي رادع من ضمير أو أخلاق وفي انتهاك سافر لجميع القوانين والأعراف الدولية.
ومن خلال حجم الدمار الذي تتسبب فيه آلة القتل الصهيونية المدعومة غربيا نستطيع أن نتبين حجم الحقد الذي يضمره ما يسمى العالم (الحر) للإنسانية بشكل عام ولشعوبنا العربية بشكل خاص، ما شجع نتنياهو أن يسوقنا إلى المذبحة أفرادًا وجماعات دون أن نجد من يذرف علينا دمعة واحدة غير دموعنا ودمائنا، وهي وحدها التي ستعبد طريقنا نحو الحرية (وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق)، هل سنرى أيدينا المضرجة بالدماء تدق؟