دماء الشهداء وقود المقاومة
بقلم/ مصطفى الزائدي
أخبار الإعلام الصهيوني والإعلام العربي الناطق باسمهم باللغة العربية، تتركز حول اغتيال أمين حزب الله اللبناني وعدد من قادة الحزب، وتحاول تضخيم قدرة العدو الصهيوني على الوصول إلى كل من يعمل أو يتكلم ضد الكيان، كما يحاول أن يوجه رسالة تخويف وردع إلى كل من يفكر في مقاومة العدو ورفض مشروعاته في المنطقة.
لا شك أن اغتيال نصر الله وقبله إسماعيل هنية وعدد من قادة حزب الله وقادة المقاومة الفلسطينية يحسب في إطار الإرهاب الصهيوني، كونها خروقات فاضحة لقوانين ومواثيق الحروب التي تفرض أخلاقيات معينة في المواجهات، ببساطة لطبيعة العدو الصهيوني العصابية، فلقد استمر منذ فرضه بقوة الغرب عام 48 في ممارسة حرب العصابات في كل الحروب التي خاضها، فهو على طريقة المافيا يعتمد منهج الاغتيالات لتصوره أن القضاء على القادة والزعماء يشل حركة التنظيم وقواعده.
بعض العرب المرعوبين من العدو الصهيوني، وكذلك أولئك الذين اختلطت عليهم التحليلات فتشوشت أفكارهم، وبعضهم يرون أن اغتيال قادة حزب الله عمل إيجابي لطبيعة التخوفات التي كانت مطروحة من أن حزب الله مجرد أداة لتنفيذ سياسات الدولة الإيرانية الطائفية في المنطقة وعلى حساب الأمة العربية، ذلك الفهم الذي يصعب تأكيده.
من الناحية السياسية حزب الله ساهم في ما سمي بالربيع العربي بدورين متناقضين، ففي سوريا وقف مع الدولة ودافع عنها وشارك في صنع انتصارها على المنظمات الإرهابية في دمشق وحولها، لكنه في ليبيا قاتل جنبًا إلى جنب مع المشروع المعادي بقيادة الصهيوني هنري برنارد ليفي، بالأفراد ودعم بالأسلحة، وصلت قوته إلى بنغازي وطرابلس نتيجة ربما لفهم وتقدير خاطئ لدور النظام الوطني في ليبيا في ما عرف بقضية الصدر، ولم يتوقف الحزب وكوادره لحظة عن لعنة وشتم النظام الوطني في ليبيا ظلمًا، رغم علمه بما قدمته من تضحيات ودعم لا محدود للمقاومة اللبنانية والفلسطينية على حد سواء لعقود.
هذا الموقف لحزب الله تجاه ليبيا يعتبر مساهمة بشكل أو بآخر في إيصال الأمور في ليبيا إلى ما هي فيه الآن.
لكننا، ومن عمق إيماننا القومي وفهمه الفكري وتقييمنا للواقع السياسي في هذه المعركة القائمة بين المقاومة والعدو، لا ننظر إلى ما يجري في لبنان وفلسطين بنظرة أحادية على خلفية مشاكل ثنائية.
أثناء عدوان الكيان على فلسطين ولبنان وما يتلقاه من دعم قوي من أمريكا والغرب، حزب الله هو القوة العربية الوحيدة التي حاولت بما تستطيع من قوة أن تخفف الضغط على الغزيين العزل.
على كل حال، قادة حزب الله أيًّا كان موقفهم منا وأيًّا كان اختلاف وجهات نظرنا معهم، وأيًّا كان دافعهم الظاهري، قاموا بجهود قوية وقدموا تضحيات تذكر وتحيا في معركة المقاومة العربية ضد العصابات المحتلة التي تهدد وجود الأمة وليس حدودها. استشهاد حسن نصر الله ورفاقه نقطة مهمة في تاريخ المقاومة العربية.
بالنسبة إلى استشهاد القادة أمر جلل، لكنه لن يؤثر كثيرًا في مسيرة المقاومة المتعاظمة، فالعدو يتبع نهج الاغتيالات منذ ظهور المقاومة، عندما اغتال الإنجليز عز الدين القسام لم يدر بخلدهم أن اسمه سيرعبهم لعقود، فالمقاومة بعد اغتيال قادتها تنهض وتصبح أكثر قوةً وصلابة وجرأة على العدو.
كل مؤسسي حزب الله استشهدوا جميعًا، لكن اليوم حزب الله في وضع لا بأس به، وأصبح عاملًا مهمًّا بعد انهيار منظومة الحكم العربية، يحدث توازنًا مهمًّا مع غطرسة الكيان الصهيوني، الرحمة على شهداء المقاومة الفلسطينية وشهداء المقاومة اللبنانية، وندعو لها أن يكون استشهادهم دفعًا للمقاومة وصمودها وخطوة نحو تحقيق النصر، وسنرى نصر الله الذي نحت اسمه في تاريخ الأمة المشرق حاضرًا مع قادة الأمة الأبطال من القسام إلى ناصر وحبش والشقاقي والقذافي وصدام وغيرهم من الرجال الأبطال.