مقالات الرأي

المقاومة تصنع التاريخ في مواجهة قطار الموت والمرجفين والمتصهينين

بقلم/ محمد جبريل العرفي

تصعيد المقاومة عملياتها وإجبار 2 مليون مستوطن على الاختباء في الملاجئ، دليل على ضعف تأثير الاغتيالات على بنيتها العسكرية والسياسية والتنظيمية، فالاغتيالات ضربة معنوية، لكنها مفيدة لتجديد شباب صفوف القيادة، فكلما اغتيل كادر يظهر جيل آخر أشد بأسًا وتصلبًا.

يتحكم في رد المقاومة أربعة عناصر هي: الحاضنة التي تحافظ عليها، والثاني إقناع الرأي العام الصهيوني باليأس من جدوى الحرب، حكومتكم وعدتكم بالعودة إلى الشمال وحزام غزة، فتهجرتم من حيفا ووسط الكيان، والثالث بألا ينقلب العالم من المظلومية الفلسطينية إلى مظلومية يهودية، وأخيرًا استنزاف العدو، وعدم جر المنطقة إلى حرب شاملة، مع رفع سقف قواعد الاشتباك لتصل مطارًا بمطار، ميناء بميناء، عمارة بعمارة، قاعدة بقاعدة، الاجتياح سيكلف الصهاينة أثمانًا باهظة، فالمقاومة مستعدة، والجبهة الداخلية متماسكة، ولهذا ارتفعت أصوات من الكيان للتسوية مع المقاومة.

ممكن أن يصل جنون الكيان إلى الضرب بالنووي التكتيكي مثلما هدد الوزير (الياهو)، ولا تستبعدوا أن يلوث بالإشعاع نهر النيل أو دجلة أو الفرات أو النهر الصناعي العظيم، لكن لم يتبق داعم للكيان إلا بريطانيا وأمريكا، فالأوروبيون يدركون أن النووي الصهيوني سيستتبع إلقاء بوتين لقنبلة نووية على كييف أو أي عاصمة أوروبية، وخاصة أنه عدَّل العقيدة النووية الروسية لتسمح بضربة نووية إذا تعرضت روسيا أو بيلاروسيا لهجوم بأسلحة تقليدية مصدرها دولة نووية.

كل المؤامرات تستهدف مصر، وهذه عقيدة قديمة فـ”أيزنهاور” قال: “الشرق الأوسط زرافة ومن يريد إمساكها فليمسك رقبتها مصر”، مصر الصخرة الصماء أمام مشروع العدو الذي يستهدفنا جميعًا، ومن لا يعِ ذلك فهو إما عميل أو جاهل أو جبان.

العدو يستهدف مصر من الشرق بمحور صلاح الدين وتهجير الفلسطينيين لسيناء، وجنوبًا بقلاقل السودان، وحركوا ومولوا إثيوبيا صهيونيًّا عن طريق دويلة عربية (من عمر ابني) لمواجهة القوات المصرية في الصومال التي تحاول منع تمدد إثيوبيا إلى البحر الأحمر، ومولوا مؤتمرًا برلمانيًا إفريقيًّا صهيونيًّا أعطى كل فلسطين والقدس للصهاينة، وأيد التطبيع والإبراهيمية، وغربًا بليبيا من خلال الخطوات المتسارعة من قبل رئاسي المقاتلة للاستيلاء على المصرف المركزي، ولحل مجلس النواب تمهيدًا لرفع الغطاء عن قيادة القوات المسلحة، الصخرة الصماء التي تعرقل تنفيذ مشروعهم للإجهاز على ليبيا.

اتفاقية إسطبل داوود تمنع مصر من التدخل في أي سياسة صهيونية تجاه أي دولة، وقد هددتها أمريكا بعقوبات (كاتسا) لو خالفت إسطبل داوود، مصر العظيمة لن ترضخ، فقد هددتها سابقًا لمنعها إتمام صفقة السوخوي 35.

مصر قائدة شعلة الصراع مع الصهاينة وشعبها لم يطبّع، الأسبوع الماضي اندلعت مظاهرات وسط القاهرة حرقت علم الكيان وهي تهتف “يا نصر الله يا حبيب اضرب دمر تل أبيب”، “قولوا لإخوتنا في لبنان مصر لسه حية كمان”، “بنرددها جيل وراء جيل بنعاديك يا إسرائيل”، “القذيفة أمريكية والجريمة صهيونية”، “يا حكومات عربية جبانة إما مقاومة أو خيانة”، “فلسطين عربية رغم أنف الصهيونية”.

سوريا تشكل عمقًا للمقاومة لتمرير الأسلحة والمقاتلين، من الخزان البشري العربي والإسلامي، همت أمريكا بقفل الممرات بين العراق وسوريا ولبنان لمنع تدفق المقاتلين لتحرير فلسطين، لكنها تلقت تهديدات من المقاومة، فاكتفت بإطلاق يد داعش.

سوريا دفعت ثمنًا باهظًا ولم تقبل عرض الدويلة العربية الذي نقله لها وئام وهاب بإعمار 200 مليار وخروج تركيا من إدلب، وأمريكا من شرق الفرات؛ شرط التنازل عن الجولان والتطبيع مع الكيان.

المرجفون والمتصهينون وفقهاء السلاطين ومرتزقة الإعلام، يساهمون بالحرب النفسية بنبرة الشماتة واليأس من النصر، ويلومون إيران عن تأخير ردها على الكيان، متناسين أن انتظار الرد أشد ألمًا، من حق إيران استخدام كل أوراقها لمواجهة أعدائها. أيهما أولى بالدفاع عن فلسطين ولبنان، العرب أم إيران؟ إيران مستمرة في دعم المقاومة العربية بالمال والسلاح، وأنظمة العصور الوسطى تدعم العدو، ألا يخجلون من أنفسهم؟

الحاجة ملحة لدراسة المشهد بعيدًا عن المصالح الشخصية المؤقتة، فما يجري في المنطقة العربية وأفريقيا وأوكرانيا هي (معارك) ضمن (حرب) بين الشرق بقيادة روسيا والصين والغرب بقيادة أمريكا وبريطانيا.

الشرق مستعد لفعل أي شيء لحماية مصالحه في أفريقيا والوطن العربي، إذن التمسح بالغرب وطلب معونته يحول بلادنا لساحة حرب أوروبية ثالثة بأسلحة دمار شامل، أول قواعد السياسة لا وجود لصداقات أو عداوات دائمة، بل مصالح دائمة، فالرهان على أمريكا خاسر، فقد سحبت أسطولها من مواجهة اليمن، وستنسحب من العراق وقواعدها بالخليج، لأن الصواريخ والمسيرات الإيرانية حولتها من عوامل ردع إلى نقاط ضعف، ولن تقوى أمريكا على حماية عملائها.

مصلحتنا ضد من يهدد وجودنا ولو كان شقيق عميل لعدونا، فلنتحالف مع أعداء عدونا، وليتلاحم شركاء المصير من الليبيين بعلاقة تعتمد على الثقة والمصداقية واحترام الرموز والتاريخ، والانتباه لدسائس المحقدين أعداء الوطن.

زر الذهاب إلى الأعلى