هروب للأمام
بقلم/ ناصر سعيد
ننعى استشهاد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، الذي سار على درب الشهداء بالتضحيات الجسام من أجل قضية العروبة والإسلام، وننعى كل رفاقه، والأبرياء المدنيين الذين سقطوا نتيجة العدوان الصهيوني الغاشم على ضاحية بيروت الجنوبية.
ومهما كانت مواقف البعض متباينة من إيران وحركة المقاومة الإسلامية حزب الله وحماس، وتورطهم في ارتباط براغماتي سابق أو مواقف سلبية ضمن ما يسمى بمشروع “الفوضى الخلاقة والربيع العربي” الذي استهدف الإطاحة بالأنظمة الثورية المناهضة للاحتلال الصهيوني، فنحن لسنا بصدد الخوض هنا في الأهداف والنتائج، بقدر معرفتنا بأن حزب الله وعلى رأسه الشهيد حسن نصر الله كان فعلًا يشكِّل تهديدًا حقيقيًّا لوجود الكيان الصهيوني، وليس كما يدَّعي ويعتقد السطحيون.
قد أجد مائة مبرر لتلك المواقف الرافضة لسياسات إيران الطائفية، التي انعكست سلبًا حول اتخاذ موقف إيجابي لدى البعض من تيارات المقاومة للاحتلال بمنطقة الشرق الأوسط والشام، ولكن عند التوقف أمام قضية الصراع العربي الصهيوني والعدوان والاعتداءات المستمرة التي خلفت عشرات الآلاف من الضحايا منذ أكتوبر الماضي، وما قبله، في حرب إبادة جماعية للشعب الأعزل، هذا العدو التاريخي الذى أصاب الأمة العربية بأزمات متتالية منذ أكثر من سبعة عقود تسببت في انكسار وتخلف الأمة وتراجعها واستنزاف مقدراتها وهزيمتها معنويًّا، وأفرزت بالربيع المشؤوم حكومات خانعة مساندة للعدو، معادية للمقاومة.
كان لزاما على أصحاب المواقف المتأرجحة مراجعة أنفسهم وإعادة تقييم مواقفهم السلبية التي تعبر عن الحياد والتخلي عن القيم الإنسانية والأخلاقية، في معركة واجبة دينيًّا وقوميًّا وعربيًّا، فنحن أمام مرحلة تاريخية يحتم علينا الواجب فيها أن نقدم الدعم الكامل والوقوف مع تيارات المقاومة ضد العدو التاريخي للعروبة والإسلام، ولا يجب أن لا تدفعنا الخلافات الفكرية والسياسية إلى إضاعة بوصلة المعركة المصيرية، فمن يقف محايدًا أو بجانب العدو ويدعمه حتى بالكلمة أو يتشفى في المقاومة فقد صار من العدو وفي صفِّه.
أمام هذا المنعطف التاريخي الذي يهدد مستقبل الأمة بالزوال أصبح من العبث مناقشة قضايا المذهبية والطائفية ولا مجال للجدال حولها في هذه المرحلة حتى لا نجد أنفسنا في ركب أصحاب السمو والمعالي ركب الذل والتطبيع، ركب الهروب للأمام الذي أصبح سمة شائعة في السياسة.