ملفات وتقارير

الهجمات الإرهابية في لبنان : تعكس عقلية التطرف الصهيوني وتبين أنها دولة عصابات إجرامية

تقرير – سيد العبيدي
يبرهن الكيان الصهيوني يومًا تلو الآخر على أنه كيان مارق يتعاطى مع الأحداث الدولية والإقليمية وفق عقيدة متطرفة، ويمارس نشاط العصابات والجماعات الإرهابية التي نشأ وتأسس عليها في 1948 تحت حماية الإنجليز. ظهر ذلك جليًّا في تفجيرات لبنان الأخيرة التي أدت إلى مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين عبر تفجير أجهزة “البيجر” اللاسلكية في عملية إرهابية وصفت بـ “الجبانة” وغير المعهودة في تاريخ ومفهوم الحروب العسكرية بين الدول.


ومنذ انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023 يواصل الاحتلال جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة والضفة الغربية بهدف طرد الفلسطينيين من أراضيهم وتدمير البنية الأساسية وتجريف القطاع بشكل كامل من كل مقومات الحياة في حرب غير متكافئة فقد فيها الفلسطينيون آلاف الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ، حيث وصفت تلك الحرب بأنها الأكثر وحشية خلال المائة عام الأخيرة بهدف القضاء على حماس.
وتعد تفجيرات أجهزة الاتصال في لبنان وقبلها ميناء الحديدة في اليمن محاولة يائسة من الكيان الصهيوني لوقف الدعم العسكري المقدم من محور المقاومة في لبنان والعراق واليمن إلى جبهة غزة التي تقاوم ببسالة وإصرار منذ ما يقرب من عام وبإمكانيات محدودة للغاية أعتى الجيوش العسكرية المدعومة بأحدث الأسلحة والتقنيات الحديثة من دول الغرب وأمريكا.


تفاصيل جريمة” الاتصال اللاسلكي”
والأربعاء الماضي، شن الاحتلال الصهيوني هجومًا سيبرانيًّا على المقاومة في لبنان، تسبب في تفجير آلاف من أجهزة الاتصالات اللاسلكية “بيجر”، يستخدمها “حزب الله” بصفة خاصة في الاتصالات والمراسلات الصوتية.
وكشفت مصادر أمنية لبنانية أن الأجهزة كانت مفخخة من مصدر استيرادها. وبحسب خبراء أمنيين، كانت أجهزة “بيجر” مفخخة عبر قطعة تسمى “آي سي (IC)”، هي التي احتوت المواد المتفجرة، وهي منظومة متكاملة تستخدم عادة في الأجهزة الإلكترونية للتحكم في بعض وظائفها.
ووفق ما نقلته قناة “الميادين” عن مصادر أمنية لم تسمها، تحتوي هذه القطعة على مواد متفجرة، مما يعني أن تفخيخ “البيجر” تم بشكل دقيق ومخفي داخل مكونات الجهاز نفسه.
وتابعت المصادر أن هذه المواد المفخخة والمتفجرة “لا تُكشف عند أي فحص عبر الأجهزة المتعارف عليها، ولم يكن في الإمكان لأجهزة الكشف المتوفرة وحتى لدول ومطارات عالمية كشف المادة المفخخة المزروعة وبتقنيات مركبة لخوارزميات خاصة بهذه العملية.


تكنولوجيا متطورة
وعن طريقة التفجير، ذكرت المصادر أن “التفجير نُفذ عبر رسالة قصيرة للجهاز بتكنولوجيا متطورة أيقظت المادة المخفية المتفجرة، إذ لم تكن بطارية “البيجر” في ذاتها من أوجد الموجة الانفجارية، بل كانت مادة الليثيوم التي تغذي الجهاز عند استقبال الرسالة المتسببة في التفجير”.
وأوضحت أن “المادة التفجيرية وُجِّهت بهدف القتل، ولا سيما تلك الأجهزة المعلقة في الخصر، كي تدخل موجة التفجير إلى الجسم مباشرة”.
وأضافت أنّه بحدود 4 ثوان، بعد تلقي صوت الاتصال برسالة خطية، “انفجرت الأجهزة تلقائيًّا، سواء في وجه من فتحها أو من لم يفتحها”.


حصيلة القتلى والمصابين جراء الهجوم الصهيوني الإرهابي
أكد وزير الصحة اللبناني الدكتور فراس الأبيض، أن حصيلة تفجيرات أجهزة “البيجر” اللاسلكية ارتفعت إلى 37 شهيدًا و2931 مصابًا على مدى يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، كما تم إجراء 955 عملية جراحية جراء حوادث تفجير أجهزة الاتصالات.
وأضاف الأبيض خلال مؤتمر صحفي، أن عدد الجرحى الذين وصلوا إلى المستشفيات في هجمات 17 سبتمبر هو 2323، من بين الجرحى 1343 حالتهم متوسطة أو حرجة.
وأشاد الأبيض خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الإعلام اللبناني ورئيسة الاتحاد العربي للمهن البصرية بحملة التضامن والدعم العربية إلى لبنان في أزمة تفجيرات الأجهزة اللاسلكية.


حزب الله يحمِّل الصهاينة المسؤولية.. ونصر الله يتوعدهم بـ “حساب عسير”
من جهته أكد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في كلمة له الخميس الماضي، أن حزبه تعرض لضربة “كبيرة وغير مسبوقة” في تاريخه، متوعدًا الصهاينة بـ “حساب عسير” بعدما اتهمها بتفجير الآلاف من أجهزة الاتصال التي يستخدمها عناصره.
واعتبر نصر الله أن الاحتلال أراد من خلال هجومه على مرحلتين أن يقتل “ما لا يقل عن خمسة آلاف إنسان في دقيقتين، ومن دون اكتراث لأي ضابطة”.
وقال نصر الله إن حزبه “شكّل لجان تحقيق داخلية”، وتوصل الى “نتائج شبه قطعية”، ما زال بحاجة “إلى بعض الوقت للتأكد من النتيجة، سواء من الشركة التي باعت التصنيع إلى النقل إلى الوصول إلى لبنان إلى لحظة التفجير”.
وأضاف نصرالله: “لن تستطيعوا أن تعيدوا سكان الشمال إلى الشمال.. وافعلوا ما شئتم”، مضيفًا “لا تصعيد عسكري، ولا قتل ولا اغتيالات ولا حرب شاملة تستطيع أن تعيد السكان إلى الحدود”، مضيفًا أن “السبيل الوحيد هو وقف العدوان والحرب على غزة”.


شركات متورطة في تفجيرات لبنان
وقادت تحقيقات في الانفجارات التي هزت لبنان الأسبوع الماضي إلى عدد من الشركات والأفراد في شبكة تمتد بين تايوان في آسيا والمجر في أوروبا الشرقية.
وتدلُّ العلامة التجارية الموجودة على أجهزة اتصالات البيجر التي انفجرت في لبنان على أن هذه الأجهزة من تصنيع شركة غولد أبولو، ومقرُّها تايوان.
لكن الشركة التايوانية تنكر أي صلة لها بالهجمات، قائلة إنها حصلت على رُخصة تصنيع هذه الأجهزة من شركة بي أيه سي كونسالتينغ، ومقرّها العاصمة المجرية بودابست. وأكدت الشركة التايوانية أن نظيرتها المجرية هي المسؤولة عن تصنيع وتصميم أجهزة البيجر.
بدورها، قالت الحكومة المجرية إن شركة بي أيه سي كونسالتينغ هي مجرّد وسيط تجاري، وإنه لا يوجد لها موقع تصنيعيّ في المجر، فيما فتحت السلطات تحقيقًا يتعلق بشركة نورتا غلوبا، ومقرّها في العاصمة البلغارية صوفيا.


مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة حول تفجيرات لبنان
عقد مجلس الأمن الدولي مساء الجمعة، اجتماعاً طارئاً كانت قد دعت له الجزائر نهاية الأسبوع الماضي لمناقشة تطورات الوضع في منطقة الشرق الأوسط خاصة التصعيدات الأخيرة في لبنان.
ووصف وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب في كلمته خلال الجلسة، تفجير آلاف أجهزة الاتصال المحمولة هذا الأسبوع في بلاده بأنه هجوم “إرهابي” وحمل الاحتلال مسؤوليته.
وقال بوحبيب إن الانفجارات التي قتلت العشرات في مختلف أنحاء لبنان على مدى يومين هي “أسلوب حرب غير مسبوق في وحشيته وإرهابه”، مضيفا أن “استهداف آلاف الأشخاص من مختلف الأعمار يمارسون أعمالهم في منازلهم، في الشوارع، في وظائفهم، في مراكز التسوق، هو ببساطة إرهاب”.
كما حذّر عمار بن جامع، مندوب الجزائر في مجلس الأمن، من أن إسرائيل “تدفع المنطقة نحو الحرب”، وأن هجماتها الجمعة، في بيروت تؤكد أنها “غير معنية بالسلام”.
وقال بن جامع، إن “العدوان الصهيوني الأخير باستهدافه أجهزة الاتصالات في لبنان يرقى لأن يكون جريمة حرب”، موضحا أن عشرات اللبنانيين قتلوا في عملية استهداف عن بُعد لأجهزة الاتصالات “والمرتكب معروف تماما”.
وطالب المجلس التابع للأمم المتحدة بضرورة “إنهاء الاحتلال” لأنه سيمهد الطريق للسلم الدائم والاستقرار في المنطقة.
من جهته أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن منفذي تفجيرات “بيجر” في لبنان أرادوا إشعال حرب جديدة. وقال نيبينزيا: “من الواضح أن منظمي هذا الهجوم غير المسبوق أرادوا عمدا إثارة مواجهة مسلحة واسعة النطاق، سعيا إلى إشعال حرب كبرى جديدة في الشرق الأوسط”.
وأكد أن ما حدث في لبنان وسوريا خلال الأسبوع الماضي يجعل التصعيد في لبنان وسوريا ينتقل إلى بعد تكنولوجي جديد عالي المستوى، وهذا منعطف خطير للغاية.
كما أعرب مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة “فو تسونغ” عن إدانة الصين بشدة لتفجيرات أجهزة الـ”بيجر” في لبنان، ودعا إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في الحادث.


مراقبون: جرائم الاحتلال أجبرته على الوقوف عاريًا
وقال مراقبون إن اتجاه الكيان الصهيوني إلى استخدام أسلوب المنظمات الإرهابية مثل “داعش” في تفجير أجهزة الاتصال في لبنان وهذا ليس دليل ضعف وليس دليل قوة استخباراتية، وتاكيد على أن جميع المنظمات الارهابية التي تنشط في العالم وتقتل المسلمين والأبرياء في الدول العرربية صنيعة يهودية وماحدث في تفجيرات لبنان صنيعة تلك المنظمات وعقيدتها في الحروب استهداف المدنيين عند خسارة الحرب من خلال تفجير السيارات في الأماكن العامة.
وأضاف المراقبون أن العملية الإرهابية تعكس حقيقة التفكير الصهيوني الذي لم يتورع في استخدام أساليب القتل الجماعي في الحرب، ولعل من أهم إيجابيات معركة “طوفان الأقصى” أنها أجبرت العدو على الظهور عاريا كما هو.

زر الذهاب إلى الأعلى