شيكولاطة بابا أنويل المسمومة
بقلم/ ناجي إبراهيم
وسائل إعلام أمريكية قالت إن الكيان الصهيوني قد خطط لعملية تفجير “البيجر” وأجهزة اللاسلكي التابعة لحزب الله قبل خمسة عشر عامًا، وذلك ما يدحض حجة الذين يربطون بين العدوان الصهيوني على لبنان وانخراط حزب الله في مساندة الشعب الفلسطيني في معركة طوفان الأقصى.
تاريخ الكيان الصهيوني الإجرامي تبين أنه لا يتطلب وجود مبررات لعدوانه وجرائمه، عام 1987 عندما احتلت (إسرائيل) جنوب لبنان لم يتشكل حزب الله، وعندما اجتاحت بيروت عام 1982 لم تسوغ لعدوانها بصد هجمات حزب الله، وعندما احتفظت باحتلالها لجنوب لبنان كانت المقاومة الفلسطينية قد غادرت بيروت إلى حمام الشط في تونس، وكان عدوانها على الجنوب عام 2006 لم تضع له هدفًا بإعادة النازحين والمهجرين من شمال فلسطين المحتلة، القوى الاستعمارية والإمبريالية منذ ظهور هذا الفكر وتطبيقه فعلًا وسلوكًا وممارسة لم تكن مهتمة بوجود المبررات (رغم استخدامهم شعارات براقة وخادعة) إذا كان الاحتلال يحقق مصالحهم.
نختلف مع حزب الله في أشياء كثيرة ونتفق ونلتقي معه على مقاومة الاحتلال الصهيوني، ما يقوم به حزب الله وما يتحمله من أعباء وما يواجهه من تحديات وما يدفعه من أثمان نيابة عن الأمة، علاوة على أنه واجب ديني وأخلاقي وقومي، ندعمه ونكبره ونتقاطع معه وبأضعف الإيمان، ومن يقل غير ذلك فهو يصطف في صف أعداء الأمة.
رغم أن الهجوم السيبراني الإلكتروني الذي نفذته أجهزة المخابرات الصهيونية ضد اللبنانيين أوقع ضحايا بشرية، وكان ضربة موجعة ومؤلمة إلا أنه سيضرب الصناعات الاتصالية وسيكبد الشركات المنتجة خسائر مادية كبيرة لن تظهر بوادرها في الوقت القريب، من خلال اتخاذ دول عديدة تدابير وإجراءات أمنية من بينها الاعتماد على التصنيع المحلي والذاتي والتعاون مع دول وشركات موثوقة، وستخسر كل الشركات التي وضعت سمعتها ومستقبلها على المحك وشاركت الإسرائيليين في انفجارات بيروت الأسبوع الماضي.
الشك لا يجب أن يمتد إلى أجهزة الاتصالات كالتي كشفتها تفجيرات بيروت، ولكن يجب أن يشمل كل الصناعات العسكرية والمدنية وبما فيها المواد الغدائية والدواء وهي الأخطر، لأن آثاره لا تظهر بشكل سريع، ومن خلال التجارب المتراكمة وحجم الجرائم التي ترتكبها الدول الاستعمارية ضد الشعوب فإن هذه الدول لا تتورع في استخدام كل ما هو أكثر فتكًا وضررًا بالإنسان من أجل تحقيق أهدافهم والمتمثلة في تطبيق رؤيتهم للمليار الذهبي الذي تحدثت عنه مراكزهم البحثية وصرح به كبار السياسيين.
الحكومات الأمريكية التي قتلت آلاف الفيتناميين بقنابل النابالم المحرمة دوليًّا وأبادت الآلاف من العراقيين والأفغانيين والليبيين بالصواريخ المحشوة باليورانيوم المنضب، والذي لا يزال يحصد المئات من الأرواح بأمراض السرطان لن تكترث في قتل الآلاف والملايين في أماكن وبلدان أخرى بالأسلحة الجرثومية، وكانت البلد الوحيد في العالم الذي استخدم السلاح النووي ضد المدن اليابانية.
الجيل الذي هاجم اليابان بالقنابل الذرية المحرمة دوليًا، هو الذي أنتج الجيل الحالي من القيادات التي لا ترى غضاضة في فناء البشرية مقابل تحقيق طموحاتهم في السيطرة على العالم وموارده، والجرائم التي ترتكبها دولة الكيان الصهيوني في فلسطين ولبنان وسوريا ويستخدم فيها أسلحة فتاكة ومتحركة هي نسخة طبق الأصل لجرائم أمريكا والغرب الذي يدعمها ويشاركها ويوفر لها الحماية ضد الملاحقة القانونية والإدانات السياسية، وما كانت دولة العصابات الصهيونية أن ترتكب هذه الفظائع بدون دعم وغطاء غربي.
ما نقوله ليس هلوسات أو أضغاث أحلام أو توقعات وليس حتى تحليلا، ونحن في زمن الصورة والعالم القرية وثورة المعلومات كما يقولون “لا شيء مستخبي” صوتًا وصورة ولذا وجب توجيه وتنبيه الذي يلقون بأنفسهم في أحضان أمنا الغولة وتغويهم تصريحات وزيارات بابا نويل الذي لن يقول لنا إنه يحمل لنا السم في “الشيكولاطة” ولن يخبرنا أن اللعبة التي يقدمها لنا مفخخة وستقتلنا، مثلما قتلتنا سيوف الصليبية بالأمس ومثلما اغتالت أحلامنا ربيعهم الذي جاء محملا على أجنحة “الرافال والأف 18”.
نحن لا ندعي أننا سنهزمهم اليوم لأننا لا نملك القوة التي يمتلكونها، ولكن نستطيع أن نتمسك بحقنا في الحياة وأن لا نسلم لهم بدون ثمن ولنا في انتصار مقاومات الشعوب في فيتنام والجزائر وأفغانستان والمقاومة الوطنية اللبنانية المثل والقدوة حيث الإيمان هزم القوة وانتصر عليها رغم اختلال موازين القوى.