الموقف الليبي تتابع انطلاق العام الدراسي الجديد
متابعة – منيرة الشريف
عودة العام الدراسي الجديد لحظة مهمة ينتظرها الطلاب وأولياء الأمور في أي بلد من العالم، ولكن في ليبيا أصبحت عبئًا ثقيلًا على أولياء الأمور، نتيجة الظروف الاقتصادية الأمنية التي تشهدها البلاد، فبعد تأجيل موعد بداية العام الدراسي الجديد 2024/2025، التي كانت مقررة في الأول من سبتمبر الجاري، افتتحت المدارس أبوابها أمام التلاميذ، يوم الثلاثاء الماضي، وسط استياء عدد كبير من التلاميذ وأولياء أمورهم بسبب عدم استعداد كثير من المدارس لاستقبال الطلاب.
ورغم ادعاءات المسؤولين بأن الكتاب المدرسي سيكون في مُتناول الطلاب مع بِداية العام الدِّراسي، فإن وزارتي التربية والتعليم في الحكومتين لم تكونا مستعدتين تمامًا كعادتهما، فرغم إعلانهما عن جاهزيتهما بتوفير الكتب المدرسية لجميع المراحل، فإن أغلب المدارس كشفت أن لديها نقصًا في كثير من الكتب.
وفي وقت سابق أوضح وزير التربية والتعليم بحكومة الدبيبة أن شحنات الكتاب المدرسي تأخرت نحو ثلاثة أسابيع بسبب الإجراءات البيروقراطية.
أزمة نقص الكتاب المدرسي استمرت طوال الأعوام الماضية، فقبل عامين أمضى الطلاب عامًا دراسيًّا من دون كتاب مدرسي وسط اتهامات وجهت لكوادر الوزارة، بمن فيهم وزير التربية والتعليم الذي خضع للإيقاف على ذمة التحقيق لمدة أشهر في قضايا فساد مالي بشأن عقود طباعة وتوريد الكتاب المدرسي، حاولت الوزارة توفير أكبر عدد من الكتاب المدرسي خلال العام الماضي، لكن عددًا من مدارس البلاد اشتكت عدم توفيره.
ولجأ طلاب المدارس إلى تصوير الكتاب المدرسي، وتشارك طلاب آخرون كتب المدرسة في كثير من الأحيان، وسط محاولات الحكومة طمأنة أولياء الأمور والمدارس.
وكانت النيابة العامة قد أعلنت في يوليو الماضي، تفاصيل واقعة فساد صاحبت إجراءات عقد توريد مقرر مادة «الحاسوب» لمرحلة التعليم الأساسي والسنة الأولى من التعليم الثانوي في مركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية.
وكشفت التحقيقات تآمر مسؤول القسم المالي في المركز مع مديرين سابقين على سداد مليونين و394 ألف دولار دون التثبت من مطابقة المادة الموردة المواصفات في العقد، بما في ذلك شرط استجابة نسخة المادة الإلكترونية لأي تطوير تكفله الحقوق الحصرية لعمل المركز، حسب بيان مكتب النائب العام على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
كما اتضح للمحقق تلقي المسؤول المالي ومسؤوليْن آخرين في المركز رشى بـ 675 ألف دينار مقابل صرف ثمن عقد طباعة كتب منهجية لم تلتزم الشركة المنفذة بتوريدها.
ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية
وزادت أسعار الأدوات المدرسية بنسبة تتراوح بين 30 و50 في المئة وبعض الأصناف تضاعفت ثلاث مرات، مقارنة بالسنة الماضية، لعدة أسباب، أبرزها الانهيار المستمر لسعر صرف الدينار الليبي، خاصة أن الأدوات والمستلزمات المدرسية جميعها مستوردة من الخارج منذ اضطرار المصانع المحلية إلى غلق أبوابها.
ويواجه معظم الليبيين منذ 2011 مع تمكن السوق السوداء من رقابهم وسيطرة تجار الحروب والأزمات على الدورة الاقتصادية في بلادنا ناهيك عن انتشار التهريب وتفشي الفساد، تحديات كبرى في المناسبات الدينية وعند العودة المدرسية التي تتطلب توفير ملابس جديدة وشراء الأدوات المدرسية لأبنائهم إلى درجة أن بعضهم أبدى تخوفًا من عدم القدرة على إرسال أطفاله إلى المدرسة.
ويمثل هذا الارتفاع في الأدوات المدرسية عبئًا ماليًّا إضافيًّا على الأسر الليبية، خاصة في ظل الأزمة التي تعصف بمصرف ليبيا المركزي، على خلفية الصراع على كرسي المحافظ، وسط دوامة اشتعال أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات بأنواعها.
وعلى الرغم من تطبيق جدول المرتبات الموحد عام 2023 الذي شمل كافة موظفي القطاع العام حيث تضاعفت المرتبات مرتين وأكثر في بعض الحالات، فإن الموظفين لم يفرحوا كثيرًا بهذه الزيادة بسبب استمرار تغول السوق الموازية “حالكة السواد” التي تحتكر أموال الليبيات والليبيين فوق “براويط المرمة” في ظهر مصرف ليبيا المركزي، وانقضاض تجار الصدفة والأزمات على الفرصة لمضاعفة كافة الأسعار بنسبة تراوحت بين 50 و70 في المئة، الأمر الذي جعل زيادة المرتبات لا معنى لها.
واستطلعت “الموقف الليبي” آراء بعض المواطنين الذين اشتكوا من الارتفاع غير المسبوق لأسعار الأدوات المدرسية، وأصحاب المحلات الخاصة ببيع المستلزمات المدرسية في طرابلس وضواحيها، فقالت صالحة علي (أم لأربعة أطفال): “إن الأسعار مرتفعة جدًّا مقارنة مع العام الماضي، حيث بلغ ثمن دستة أقلام الرصاص (4) أربعة دنانير، فيما كانت تساوي العام الماضي (2) دينارين فقط”، مشيرة إلى أنها لم تتمكن “حتى الآن من شراء الأدوات المدرسية نظرًا لتأخر صرف المرتبات”.
وأضافت فاطمة البوعيشي: “لدي ثلاثة أبناء في التعليم الأساسي، وجميعهم يحتاجون إلى الأدوات المدرسية إضافة إلى الزي المدرسي وحقيبة الكتب وحقيبة الأكل وحافظة الماء وأحذية الرياضة”، مؤكدة أن “توفير هذه المستلزمات يفوق المرتب الذي يتقاضاه زوجي”.
وأوضح عبدالخالق حسين يعمل في القطاع الخاص، وأب لأربعة أطفال في مراحل مختلفة من التعليم، أن أسعار الأدوات المدرسية لهذا العام مبالغ فيها، وليست في متناول الجميع، مضيفًا أن “هناك عددًا من محلات بيع المستلزمات المدرسية والقرطاسية تقوم بالإعلان عن تخفيضات، إلا أننا اكتشفنا عند زيارتها أن الأدوات المعروضة رديئة جدًّا وغير جيدة، ولا تساعد الأطفال في الكتابة وسهلة الكسر بينما الأدوات الجيدة مرتفعة الأسعار وغير مقدور عليها بالنسبة إلى الأغلبية الساحقة من أرباب الأسر”.
وأفاد بأن بعض المستلزمات التي يحتاجها طلبة الثانوية والجامعات غير متوفرة حاليًا، مضيفا أن أحد الباعة أبلغه أنها ستكون متوفرة لديه بعد أسبوع أو عشرة أيام لأن الأدوات جميعها يتم استيرادها اليوم من الخارج.
وتساءل عبدالخالق في هذا الخصوص: لماذا لم تهتم الدولة بتوفير الأدوات والمستلزمات المدرسية وتحدد أسعارًا تتناسب مع دخل المواطن من خلال مراكز توزيع في مختلف البلديات، بل وتدعمها إذا اقتضى الأمر.
وأفاد سالم العماري، بأن الضريبة الجديدة التي تم فرضها على سعر الدولار ساهمت في ارتفاع الأسعار نظرًا إلى أن معظم الأدوات المدرسية مستوردة من الخارج، واصفًا هذه الزيادة الجديدة بالخطأ الكبير الذي فاقم من معاناة أرباب الأسر، وبخاصة قطاع الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية، وهم أغلبية القوى العاملة في ليبيا، حيث لم يستوعب القطاع الخاص إلا القليل من الليبيين نظرًا إلى وفرة اليد العاملة بين المهاجرين غير الشرعيين.
أخطاء في كتاب التربية الإسلامية للصف الخامس
أفاد مركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية التابع لوزارة التربية والتعليم بحكومة الدبيبة ورود أخطاء في كتاب مادة التربية الإسلامية للصف الخامس من مرحلة التعليم الأساسي.
وقال المركز على صفحته في فيس بوك إن هذا التعميم لغرض التصحيح وإضافة النص المفقود، مبينا أن الأخطاء وردت في درس الإيمان بالكتب السماوية، وموجودة في صفحتي (89/90).
ودعا المركز إلى تصحيح الأخطاء وإضافة النص المفقود، وذلك بالرجوع إلى طبعة العام الماضي وفق قوله.
هذه ليست المرة الأولى التي تنوه فيها وزارة التربية والتعليم بوجود أخطاء في المنهج سواء من حيث المعلومة أم الرسومات أم التصميم؟ السؤال: كيف لدولة بها سياسة تعليمية وبها كوادر علمية ومؤسسات معتبرة كيف تنزل لهذا المستوى من الفساد التعليمي في عقول الأجيال؟
لقد تعرضت المناهج التعليمية إلى تزوير متعمد من قبل الجماعات المتسترة بالدين التي سيطرت على قطاع التعليم بعد عام 2011، وخاصة مواد التاريخ والتربية الوطنية والدين الإسلامي، كما أن مناهج المواد العلمية تجمدت على الوضع الذي كانت عليه منذ عقود، ولم تشهد تتبعًا وتطورًا للاكتشافات والتطبيقات الحديثة.