قضيتنا بخير وشعبنا يمتلك إرادة لا تقهر
بقلم/ محمد علوش
وتبقى فلسطين أمانة في أعناق شعبها وأمتها من المحيط إلى الخليج، وتبقى بوصلة الأحرار دائمًا نحو فلسطين أرضًا وشعبًا وقضية، وتبقى في طليعة القضايا، وبؤرة الصراع في مواجهة الآخر – النقيض، المستوطن المستعمر الغاصب، الإمبريالي والصهيوني والرجعي – ويبقى التطبيع مع كيان الاحتلال بأي شكل من الأشكال دربًا من دروب الخيانة، بل هو الخيانة.
وفي ذروة احتدام الصراع في مواجهة الهجمة الاحتلالية الإرهابية المتوحشة على الشعب الفلسطيني، وأعمال العدوان والتطهير العرقي وإرهاب الدولة المنظم والإبادة الجماعية، تتعاظم الأهمية والضرورة إلى مواقف عربية جادة ومسؤولة وشجاعة تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم وحشية ينفذها جيش الاحتلال الإرهابي وبدعم متواصل وواسع النطاق وعلى كافة المستويات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بإدارتها الحالية التي ما فتئت تقدم كل أشكال الدعم والإسناد للحكومة الفاشية والعنصرية الإسرائيلية، مما يجعلها شريكًا فعليًّا في أحداث النكبة الفلسطينية الجارية التي تعدت فصولها دمويَّة وهمجيَّة وتطرفًا لتلك الفصول الأولى للنكبة الفلسطينية عام 1948.
وها هو شعب فلسطين يواجه جريمة إرهابية، الهدف منها الاجتثاث والاقتلاع والتهجير وضرب الهوية الوطنية والكينونة السياسية الفلسطينية، ومنع تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني بالحرية والعودة وتقرير المصير وإقامة دولة فلسطين المستقلة وكاملة السيادة وعاصمتها القدس.
من هنا جاءت الأهمية بما تضمنه “بيان مدريد” بتأكيده على ضرورة تنفيذ “حل الدولتين” باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدائمين، والذي ينسجم مع مطالبنا الفلسطينية بضرورة إنقاذ وتنفيذ “حل الدولتين”، وإجبار “إسرائيل” على الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي وانسحاب قوات احتلالها من قطاع غزة، وإدخال المساعدات ومنع التهجير، باعتبار قطاع غزة جزءًا لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين وولايتها القانونية، وهذا البيان يؤكد وجود إجماع دولي على ضرورة وقف هذا العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني، وتنفيذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، وتمكين الحكومة الفلسطينية من أداء جميع واجباتها في كافة أراضي دولة فلسطين، مع المطالبة بضرورة وجود مسار سياسي قائم على قرارات الشرعية الدولية، وصولًا إلى إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس.
وجاء انتصار جديد لعدالة القضية الفلسطينية، بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، على مشروع قرار يطالب بأن تنهي “إسرائيل”، القوة القائمة بالاحتلال، وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة خلال عام واحد، بناء على فتوى طلبتها الجمعية العامة من محكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية لسياسات “إسرائيل” وممارستها العدوانية التي تتجاوز كافة القوانين والأعراف الدولية على الأرض الفلسطينية وبحق الشعب الفلسطيني، وأن حصول مشروع القرار على تصويت ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، يمثل انتصارًا لقضية شعبنا، ورسالة دولية هامة تمثل الإجماع الدولي على حق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة وإنهاء الاحتلال، حيث باتت منظومة الظلم والاستبداد والإنكار لحقوق الشعوب المضطهدة عاجزة عن حماية مشروعها الاستعماري المتمثل بكيان الاحتلال الوظيفي في فلسطين، وأن التصويت لصالح دولة فلسطين يجب البناء عليه بالدعوة إلى وقف العدوان وحماية شعبنا الفلسطيني وإنهاء الاحتلال، حيث دخلنا مرحلة سياسية وقانونية جديدة في ظل تصاعد الأوضاع الميدانية واشتداد حدة العدوان والغطرسة وجريمة الحرب والحصار والعقاب الجماعي وإبادة الشعب الفلسطيني ومحاولة اقتلاعه من أرضه وتغيير المعالم السياسية والجغرافية والديمغرافية على الأرض خدمة للأطماع التوسعية الإسرائيلية.
في الدورة الاستثنائية الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن القضية الفلسطينية، تم التأكيد من جديد بأن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين ليس خيارًا، بل هو التزام قانوني على “إسرائيل”، استنادًا إلى الرأي الاستشاري الصادر في 19 يوليو، والذي خلصت إليه محكمة العدل الدولية بشكل لا لبس فيه إلى أن استمرار وجود الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة يشكل انتهاكًا للقانون الدولي، ويعرقل تحقيق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وأن “إسرائيل” ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة على الفور، ويؤكد الرأي الاستشاري الإجماع القائم منذ فترة طويلة للمجتمع الدولي ويسلط الضوء على جوهر القضية الفلسطينية.
مواقف الدول والبلدان المؤيدة لهذا القرار والتي أرى أهمية ما عبر عنه الموقف الصيني باعتباره موقفًا تاريخيًّا وشجاعًا، ويعبر عن إرادة سياسية حرة ومستقلة لدولة صديقة وقيادة صديقة للشعب الفلسطيني، والذي أكد أن إنهاء الاحتلال يعني تصحيح الظلم التاريخي، والأهم من ذلك إرساء أسس السلام، واعتبار إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة حقًّا غير قابل للتصرف للشعب الفلسطيني كأمة، وهو حق لا يقبل الجدل ولا يمكن إنكاره، حيث أعاق الاحتلال غير القانوني المطول تحقيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ومنح “إسرائيل” حق النقض الحصري على فلسطين، وهذا أمر غير مقبول.
بكل هذا الدعم والإسناد الدولي للقضية الفلسطينية، وهذه الانتفاضات والتحركات الشعبية حول العالم تعزز من إرادة وتصميم شعبنا على مواجهة كل المخططات والمشاريع الاحتلالية، واستمرار النضال بعزيمة أكبر من أجل انتزاع حق شعبنا بالحرية والاستقلال.