حبوب العجز!
بقلم/ ناجية الصغير عبدالله
يقول المثل “اشبح ما دونك تستراح” القصد القريب لهذا المثل ليس كالبعيد، والظاهر ليس كالباطن، فهو حربة برأسين، رأس يحمل فازلين الرضا حتى تدلك ما تيبس من عزمك وأنت تكافح لأجل حياة أفضل، وتسعى لتغيير حال بحال، ورأس يحمل سم الخنوع والعجز.
الرضا غاية المؤمن، رضا الله الذي يقود لنيل الرضا عن كل الحياة، فالرضا ليس القصد منه الركون إنما الاقتناع بما أنت فيه واستيعابه، ومحاولة التغيير وفق المتاح دون الوقوع في الخطأ، بمعنى أن تغير برضا، تغير وأنت راضٍ عن طريقتك وأسلوبك، وبذات الوقت تنظر بطريقتين.
الأولى تلك التي ترى بها من هم أقل منك رزقًا، والرزق ليس فقط مالًا إنما خلق ويقين، فمن هو أقل مالًا يكون أهلًا لمعروفك وحسناتك، فأنت أكثر من يشعر به ويلامس حاجته، فتكون المعين الخفي الذي لا يعلمه إلا الله، وأما من هو أقل خُلقًا فأنت هنا تختبر يقينك وثقتك بنفسك في إعمار الأرض وإصلاح حالها، حين تزرع خُلقًا كريمًا وترمي آخر لئيمًا من سلوك الآخرين، أنت أصبحت في مصافي العطاء، ومحققًا لمفهوم الإعمار بمعناه الصحيح.
عمروا النفوس بالأخلاق، ترتفع أبراج العقول، لتكون الصورة لناطحات السحاب واقعًا لا حلمًا، حقيقة لا أمنيات.
والثانية حين تعلم أنه لا أحد أقل منك ولا أكثر منك فنحن سواسية، لا فرق ولا فضل لأحدٍ على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح، نحن بنفس التركيبة العقلية، ولكن أحدنا اجتهد وأمعن وتدبر فنال وجنى وتذكر، تذكر من هم بحاجته ومن هو بحاجتهم، فلولا وجودهم ما عرف سبيل الإحسان، ولولا وجوده ما عرفوا معنى المحسن، لذلك تنص المادة الثالثة من قانون الإحباط الذي أنهيت صياغته على الآتي: لا تأخذ كل مثل كما جاءك، يوم ولدته الظروف التي قيل فيها، ولكن امنحه مقومات عقلك وحدود تفكيرك ليكون هذا المثل بكفك أمام ناظريك تراه وتبتسم لجمال العمق الفلسفي بمعناه، وحتى لا يكون عبأً على كتفك يعقد خطاك بعقال إبل حتى لا تكون بعقل راعيها، تدبر فنحن لولا العقول نكون كالدمى! وحينها ينطبق علينا القول في مثل آخر “نغرقوا في شبر أمية”.
زبدة القول انظر حيث شئت في حدود أمر الله تحتك أو فوقك لا يهم، المهم وأنت عارفٌ قدر نفسك، واسْعَ فنحن خلقنا لننظر، ثم نتأمل ثم نتدبر ثم نفكر ثم نستنتج ثم ننفذ ثم ننطلق نحو حياة أفضل، تجنبوا حبوب العجز فهي تعرقل خطوكم! فلسفة لكنها حقيقة الواقع، فلسفة لكنها ممكنة التحقيق، فلسفة لكنها لغاية نبيلة السعي.