مقالات الرأي

غوص تلحق الطين

بقلم/ فتح الله سلطان

دعاية موجهة وإعلام مُرَكز طيلة سنوات عديدة لتسويق بضاعة تم أمريكيًّا وغربيًّا إعدادها وتصنيعها أعدت خصيصا لأسواق الدول العربية بزعم تنمية وتطوير نظم أسواقها المتخلف، وبالرغم من تنبيه البعض بعدم جودته وعدم مطابقته للخصوصية العربية الإسلامية إلا أنه تم تهريبه خلسة عبر عملاء وسماسرة المنطقة التقليديين إلى أسواق الدول المستهدفة، ووسط حذر وتخوف وفي ساعة غفلة ابتلع الشعب الطعم ودخلت البضاعة عنوة الأسواق المعنية وبطرق ملتوية غير قانونية!!

بقي أن نعرف أيها الزملاء اسم ونوعية هذه البضاعة المراد وبكل الطرق والوسائط تسويقها إلى الأسواق العربية، فاسم البضاعة ثورة الربيع العربي ونوعيتها الفوضى الخلاقة وكلاهما وجهان لمشروع أمريكي/ صهيوني تدميري واحد، فالتسويق موجه ومركز في المقام الأول إلى أسواق معينة تابعة لأنظمة الحكم الجمهوري خاصة تلك التي قالت لا ورفضت قبول البضاعة أصلا!! علمًا ولأسباب تكتيكية وظرفية مؤقتة تم تأجيل تسويق هذه البضاعة وبدون استثناء لأسواق أنظمة الحكم الملكي والأميري.

إذن دخلت البضاعة أسواق الدول المستهدفة حيث اتضح أن البضاعة لا صلة لها بالربيع وخضارة مراعيه وجمال زهوره ونقاوة هوائه، بل هي بضاعة مخلوطة بمرارة العلقم وشوك وشيء من سدر قليل أي يعني مفخخة ومغشوشة، ولكن وللأسف أن هناك البعض من الذين بلعوا الطعم واستحسنوا عفونته وما زالوا يستسيغون مرارة مذاقه، وهناك البعض الآخر الذين استشعروا خطورته ومرارته واتضح لهم بعد فوات الأوان توليفة البضاعة المضروبة ومدى زيف وكذب ادعاءات ما روجت له آلة الإعلام الغربية.

وبقراءة نتائج أحداث السابع من أكتوبر وارتداداتها الخطيرة التي تجاوزًا أظهرت أن الربيع العربي والفوضى الخلاقة اللتين استحسنتهما في البداية جماهير بعض دول العالم العربي ومعظم الدول الإسلامية وإلا ماذا تسمي هذا الصمت المخجل من معظم الدول العربية والإسلامية وغض النظر المتعمد عن العدوان الصهيوني الإسرائيلي المدعوم بأعتى أنواع أسلحة الدمار الشامل وأحدث التقنيات التكنولوجية العسكرية المقدمة مجانًا من أقوى الدول الغربية لإسرائيل التي أتاحت لها الاستفراد بأهل غزة العزة ورجال مقاومتها الأبطال المحاصرين جوًا وبحرًا ممزوجا بمرارة تحملهم وصبرهم الأسطوري على كافة صنوف العذاب والتجويع والقتل والدمار، فالواضح أن الفصل الأول من المؤامرة التي شاركت فيه أمريكا وبتواطؤ مهين من بعض الحكام العرب أوشك على الانتهاء وأصبح لا خيار للمقاومة الفلسطينية إلا النصر أو الاستشهاد وأن الله على نصرهم لقدير.

أما الفصل الثاني من المؤامرة وبناء على ما تم الاتفاق عليه أخيرًا بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن ودول التطبيع العربية فبموجبه تقوم الأخريات بملء الفراغ بعد رحيل القوات الأمريكية وإعادة انتشارها خارج المنطقة، وأما بالنسبة للسلطة الفلسطينية فالاتفاق يمكنها بعد هزيمة حماس من قبل إسرائيل من إعادة سيطرتها على قطاع غزة ليعود تحت سيطرة محمود عباس.

الحلف سيكون بقيادة الكيان الصهيوني وعضوية دول التطبيع والسلطة الفلسطينية وتحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية وغرضه ملء الفراغ الأمني الذي سوف يحدث في المنطقة بعد انسحاب القوات الأمريكية من الدول المعنية وإعادة تمركزها في مناطق أخرى خارج الوطن العربي استعدادا لمحاربة الصين، ومن أجل هذا الدور انحازت دول التطبيع طمعًا أو خوفًا للمشروع الأمريكي الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية وذلك بداية بالعدوان الإسرائيلي على غزة العزة ثم تتبعها الضفة الغربية وبهذا تصبح القضية الفلسطينية في خبر كان، ويتقاسم الحلف المزعوم الشيطاني السيطرة على المنطقة العربية تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ومن ثم يتم إعادة تشكيل المنطقة لتطابق مشروع إعادة تقسيم الدول العربية المخطط له منذ 1993م المعروف باسم مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يشمل أيضا بلدان شمال إفريقيا العربية.

لقد سبق وأن وعدت بريطانيا كما هو معروف تاريخيا بأنها سوف تمنح الاستقلال لأجداد حكام دول الجزيرة مقابل مساعدتها في الحرب ضد الجيش العثماني، ولما انتصرت بريطانيا وبدلا من أن توفي بعهدها والتزامها تنكرت له واستعمرت الدول المعنية عدة عقود، والآن نرى نفس السناريو يتكرر على فرضية أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تنتصر على الصين؟ فهل ستلتزم بتعهداتها وتوفي بوعدها لهذه الدول بتمكينها بالمشاركة في السيطرة المتوقعة على المنطقة بقيادة إسرائيلية أمريكية، أم سيتكرر نفس سيناريو بريطانيا، ولكن هذه المرة مع أمريكا؟

الخلاصة طالما أن الوطن العربي يحكمه أمثال هؤلاء الخونة شذاذ الآفاق عبدة الكرسي والدولار سيستمر في الانهيار إلى أن يحدث الله أمرا كان مفعولا.

وغَوُّص تلحق الطين!

زر الذهاب إلى الأعلى