مقالات الرأي

التباري في الولاء

بقلم/ ناصر سعيد

من المعتاد أن يتخلل الحملات الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية مناظرة متلفزة أو أكثر تنظمها إحدى كبريات القنوات المرئية، حيث تُطرح جملة من الأسئلة على المرشحين للرئاسة، والتي غالبًا ما تتركز حول أكثر القضايا جدلًا في وقتها، ويمكن القول إن المناظرات المتلفزة تستهدف بشكل رئيسي الناخبين في الولايات المتأرجحة أو بالأحرى الذين يميلون إلى عدم الانتماء إلى أي أيديولوجية سياسية أو حزب محدد، وتمثل المناظرات المتلفزة التي تجرى في إطار حملات الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومنذ أكثر من ستة عقود، محطات حاسمة في سباق المرشحين إلى كرسي الرئاسة بالبيت الأبيض.

خلال المناظرة الأخيرة التي جرت اليومين الماضيين بين مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، لوحظ التركيز على الموقف السياسي من إسرائيل وحجم الولاء والاهتمام والاصطفاف والدعم للسياسات الصهيونية والدفاع عنها، وقد تبين بشكل واضح وجلي أن ترامب ومنافسته هاريس في هذه المناظرة كانا يسعيان إلى إثبات أيهما أكثر ولاءً لإسرائيل وأكثر حرصًا على حمايتها ودعمها.

من هنا يتأكد أنه ورغم الموقف الشعبي الأمريكي المتمثل في المظاهرات الشعبية الواسعة وخاصة الطلابية بالجامعات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والرافضة للصمت الأمريكي الرسمي عن جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلية بحق الفلسطينيين الأبرياء تظل إسرائيل تشكل كتلة صلبة يصعب كسرها في عالم السياسة الأمريكية، طالما أن اللوبي الصهيوني الذي يملك رؤوس الأموال ويسيطر على مؤسسات الإعلام هو من يتحكم في مسار الانتخابات الأمريكية، لهذا كما كان متوقعا، تسابق مرشحا الرئاسة الأمريكية، كامالا هاريس، ومنافسها دونالد ترامب، على تقديم العهود والوعود بالولاء لإسرائيل وحمايتها ودعمها بكل ما تحتاجه لتحقيق الانتصار في حربها الهمجية على قطاع غزة دون أدنى اعتبار لموقف الشعب الأمريكي الرافض الذى عبّر عنه خلال التظاهرات والاحتجاجات المتواصلة حتى أثناء انعقاد المناظرة الأخيرة، حيث شهدت ساحة مركز الدستور الوطني بفيلادلفيا بولاية بنسلفانيا مظاهرات حاشدة لمواطنين أمريكيين يستنكرون حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة.

تلك المناظرة التي استمرت 90 دقيقة، كشفت عن خلافات عميقة بين هاريس وترامب في معظم القضايا، باستثناء الولاء لإسرائيل ودعمهذا الحليف الصهيوني الأبدي، أي أنه سواء كان رئيس أمريكا القادم ديمقراطيًّا أو جمهوريًّا فهو سينفذ أجندة لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية (إيباك)، المؤيدة للكيان الصهيوني الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأمريكية.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى