مقالات الرأي

معركة بيت المال الكبرى 

بقلم/ فرج بوخروبة 

بعض البشر يتفننون في تورية أهدافهم الحقيقية من سلوك مشين يقومون به، سواء أكان سلوكًا أحاديًّا أم جماعيًّا، بغايات مغلفة برَّاقة، وتحت كل شعارات الإحسان والفضيلة والسعي إلى الخير، وهنا تكمن الأنانية والطمع البشري لتحقيق القوة وتأمين الحياة الخاصة

عادة كل حرب بين أي طرفين في المجتمع الدولي، غايتها في الأول والآخر هو المال، مهما تعددت الشعارات المرفوعة، ومهما تشابكت الغايات النظرية، يبقى الهدف الوحيد، هو رغبة كلّ طرف الاستحواذ على أكبر قسط من الثروة، كهدف أساسي عن طريق السلطة كغاية باعتبارها الوسيلة الوحيدة والأضمن لحيازة الثروة والتحكم بها، وفق أطماع ورغبة الشخص المسيطر التي أهلته الظروف لإدارتها والتصرف بها، لتحقيق أهدافه الخاصة وزبانيته ومتطلباتهم دون النظر إلى المصلحة العامة.

وأخيرًا انفجرت المعركة المؤجلة بين الشرعية والمعارضة المسلحة في العاصمة طرابلس المقر الرئيس للمصرف المركزي.

حيث يخبرنا التاريخ، بأن بعض البشر يتفننون في تورية أهدافهم الحقيقية من سلوك مشين يقومون به، سواء أكان سلوكا أحاديا أم جماعيا، بغايات مغلفة برّاقة، وتحت كل شعارات الإحسان والفضيلة والسعي إلى الخير، وهنا تكمن الأنانية والطمع البشري لتحقيق القوة وتأمين الحياة الخاصة..

فمن إعفاء للسيد الصديق الكبير وتعيين السيد محمد الشكري من قبل السلطة التشريعية في الدولة سنة 2018 من ثم سحب تعيين السيد الشكري الذي انتظر ست سنوات دون أن يمكنه الكبير من استلام منصبه تحت حماية ميليشيات العاصمة وحكوماتها المتعاقبة، ضاربًا بذلك عرض الحائط كل قرارات مجلسي النواب والدولة، مستمرًا في الوقت ذاته بأداء مهامه غير القانونية، عنوة وضح النهار، وأمام عجز المجلسين عن تنفيذ قرارهما بشأن تعيين الشكري وتمكينه من مهامه كمحافظ لمصرف ليبيا المركزي.. تدارك مجلس النواب قراره السابق بإعفاء الكبير بقرار آخر يقضي بتثبيته بدل عزله، الأمر الذي دفع المجلس الرئاسي إلى اتخاذ إجراءات استثنائية بتفعيل قرار مجلس النواب القاضي بتكليف السيد محمد الشكري، وتشكيل لجنة تسليم واستلام بين الكبير غير المرغوب فيه من قائمة جنيف الارتشائية بعد زواج اقتصادي دام بينهم لعدة سنوات لينتهي بطلاق بائن!! والشكري المرضي عنه “وما صحبة إلا بعد مصلحة” مما أدى إلى تأجيج الصراع السياسي بين الأطراف السياسية الليبية، وعدم قدرة أي أطراف منها لحسم الأمر بشكل سلس ونهائي!

مثالًا لهذه الأطماع اللئيمة، الشراهة العنيفة للسلطة، ومراكمة فائض من القوة، فالمال هو أحد أهم عناصر القوة، بل هو الغاية المرجوّة من الحرب فتحْتَ كل بندقيّة يكمن حلم خفي، هدفه: مزيد من الثراء والحياة الرغيدة.

تحتاج الشرعية إلى الدفاع بصرامة عن قراراتها، ليس لكونها قرارات ناجحة ومهمّة لخفض جموح الأشخاص الطامعين في الاستيلاء على المصرف المركزي وإجبارهم على المرونة في التفاوض، بل لأنّها -قبل ذلك- جاءت في ظرف سياسي تكاد الشرعية فيه تكون على مشارف التلاشي، ويحيط بها خطر الغروب طال الزمن أم قصُر. وقد ألمح لذلك بيان مجلس النواب في إشارته إلى كون القرارات تمسُّ آخر أعمدة الشرعية، وحقها في ممارسة سلطتها السيادية. وعليه يمكن أن يكون نجاحها في مواصلة تدابيرها، وحصار المجلس الرئاسي نافذة مهمة لتعزيز مركزيتها السياسية، وإثبات ما لها من موقع ونفوذ، وقبل ذلك وبعده تأكيد أنّها لا تزال تحوز شيئا من “الإرادة السياسية”، وبدون الإرادة ينتفي الوجود. لتدخل البعثة الأممية مدفوعة بإرادة أمريكية بريطانية إلى إعادة النظر في هذا الشأن بعد أن أعلن الدكتور أسامة حماد إيقاف تصدير النفط تحت ظرف القوة القاهرة، الأمر الذي سرع من عملية تدخل البعثة الأممية وحثها على وجود حلول سياسية واقتصادية بعيدًا عن القرارات الانقلابية التي أدت إلى تصادم بين الأطراف، التي يبدو أنها وضعتنا أمام واقع جديد قد يفضي إلى نتائج غير مسبوقة في تاريخ ليبيا!!

زر الذهاب إلى الأعلى