جنرالات وبنادق وقصة وطن
بقلم/ عفاف الفرجاني
لا شيء يثلج قلوبنا بعد اختطاف عاصمتنا طرابلس من قبل الإخوان والعملاء والسراق إلا ما نشاهده اليوم في مدينة بنغازي التي كدنا نخسرها هي أيضًا، هذه المدينة التي انتزعت من فك التنظيمات الإرهابية بأيادي أبطال القوات المسلحة، التي لم تترك لنا الفرصة لنتحسر على وطن تآمر عليه العالم أو نبكي على أطلال الماضي بزهوه، فالقوات المسلحة الليبية لم تترك فرصة يمكن الحديث فيها عن إعمار المنطقة الشرقية والوسطى والجنوبية وليس مدينة وحدها، فقد وضعت نفسها في مكان الداعية والمشجعة من أجل دفع عجلة التنمية وحث الحاضرين في هذا الاتجاه، وحث الآخرين على المبادرة، إن مشاريع الإعمار في هذه المناطق هي بداية المخرج نحو استعادة الوطن، عكس ما تفعله حكومة طرابلس المغتصبة للسلطة، فسياساتها التي تتبعها في مناطقها الإدارية مخالفة للحقائق والواقع، فالعقود والاتفاقات التي تبرمها الحكومة في الداخل ومع الخارج هي مجرد صفقات مقننه لشرعنة الفساد.
ما يحدث من تأخير في عجلة البناء في العاصمة وما جوارها هو المسار الذي كانت حكومة دبيبة تروج له، حيث رسموا مسارًا بديلًا سنده ضعيف لن يحظى بفرصة نجاح وسط السرقة والنهب والانصياع لأوامر الغرب.
بعد انهيار البنية التحتية للبلاد وتدمير المشاريع الكبرى وبعد التدخل الخارجي في 2011 وما مرت به ليبيا من أحداث وعلى رأسها سيطرت التنظيمات الإرهابية على معظم المدن الليبية فقدنا الأمل أن نحيا حتى، فكان طوق النجاة الوحيد والرهان الصائب هو القوة المسلحة الباسلة، التي بفضل شجاعة رجالها وبكرامة شعارها ردت مدنًا وقرى ليذكرنا هذا الحدث الذي جاء من قرابة نصف قرن عندما حرر الضباط الأحرار الوطن من الغازي والمعتدي والمحتل، هذا الذي وصلت إليه المنطقة الشرقية تحديدًا يترجم حقيقة واحدة أينما كان الجيش كان الاستقرار والرخاء.
لقد أعادت لنا قواتنا المسلحة هيبتنا التي انتزعها العدو منا في غفلة فكر وغفوة عقل، رجال الأمس أبطال اليوم لم ينتظروا إنقاذًا أمميًّا، رغم حجم الدمار الذي تركته التنظيمات الإجرامية وراءها.. لم يستجْدوا البنك الدولي تكاليف إعادة الإعمار في مدن الشرق الليبي وجنوبه، قواتنا من حددت ورصدت تكلفته من خلال خزائن نسائنا وأرصدة الشرفاء وإرادة الرجال، ولم ترضخ بما يجود عليها البنك الدولي.
اليوم ونحن نستذكر ذلك التحول التاريخي الذي غير مجرى الحياة في ليبيا في عام 1969 أشعر بالفخر بأن بلادنا لا تزال بخير، وما هي إلا سحابة سوداء تمر على تاريخ ليبيا وسيتعافى كما تعافت باقي مدنه طالما لا تزال الدبورة والبندقية والكرامة حاضرة.