مقالات الرأي

بين الانهيار وطريق الخلاص   

بقلم/ فرج الشقار

في ظل الواقع المرير الذي تعيشه بلادنا لم يعد أمام الشعب الليبي من خيار سوى الانتفاضة كواجب وطني لا يحتمل التسويف أو التأجيل، الانتفاضة ليست فقط حقًا مشروعًا، بل هي ضرورة حتمية لإنقاذ البلاد من حالة الانهيار الشامل، فالشعب مطالب بالتحرك لطرد المرتزقة والقوات الأجنبية من أرضه، وفرض إرادته على جميع الأطراف المحلية والخارجية

تمر ليبيا بمرحلة تاريخية حرجة، حيث تشابكت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتخلق واقعًا مريرًا يهدد مستقبل البلاد، منذ عام 2011، حين تدخل حلف الناتو وأسقط النظام القائم آنذاك، انزلقت ليبيا في دوامة من الفوضى والتفكك، مما أتاح للقوى الأجنبية فرصة تغلغل أعمق داخل البلاد، وتحويل ليبيا إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية على حساب أمن واستقرار الشعب الليبي.

وفي هذا السياق، استمر تدهور الأوضاع الداخلية بشكل مريع، أزمات اقتصادية خانقة تمثلت في أزمة مصرف ليبيا المركزي، وتوقف الخدمات المالية بين البنوك، وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، والمواطن الليبي يعيش صراعًا يوميًا من أجل البقاء في ظل هذه الأزمات الحادة، بينما تزيد أزمة الوقود والغاز من صعوبة الحياة اليومية، مع انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي عطل كل جوانب الحياة، كل هذه الأزمات تتزامن مع تدخلات خارجية مستمرة تهدد السيادة الليبية، فقد أصبحت بعض القوى الدولية والبعثات الأممية تستغل الصراع الداخلي لتحقيق مصالحها الخاصة، مما يزيد من حالة الانقسام ويعطل أي محاولات حقيقية للوصول إلى توافق وطني.

في ظل هذا الواقع المرير، لم يعد أمام الشعب الليبي سوى خيار الانتفاضة الشعبية كواجب وطني لا يحتمل التأجيل، الانتفاضة ليست فقط حقًا مشروعًا، بل أصبحت ضرورة لإنقاذ البلاد من حالة الانهيار الشامل، فالشعب مطالب بالتحرك لطرد المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، وفرض إرادته على جميع الأطراف المحلية والخارجية.

إن استمرار الأوضاع الراهنة سيؤدي حتمًا إلى تصاعد الانقسامات السياسية التي باتت تهدد وحدة الوطن، في ظل تنافس القوى المختلفة على السلطة دون اعتبار للمصلحة الوطنية أو معاناة الليبيين، هذا التنافس الذي يعمق الانقسام يزيد من احتمالات العودة إلى الحرب، وينذر بكارثة قد تكون لها عواقب وخيمة.

التحدي الأكبر أمام الانتفاضة الشعبية يكمن في توحيد الصفوف، ليس فقط بين المواطنين، بل أيضًا بين القوات المسلحة والتشكيلات المسلحة المختلفة، هذه المرحلة التاريخية تستدعي وقفة حاسمة لإيقاف المهزلة السياسية التي تتلاعب بمستقبل البلاد، لذا وجب على الليبيين أن يتوحدوا من أجل إنقاذ وطنهم من شبح التفتيت والتقسيم الذي لا يخدم سوى مصالح الأعداء.

إن الخروج من هذا النفق المظلم يتطلب إرادة شعبية حقيقية تعبر عن نفسها من خلال انتفاضة شاملة تشمل جميع المدن الليبية، ويكون الهدف تحرير البلاد من سطوة التدخلات الأجنبية وتوحيد الصف الوطني لبناء دولة قوية ومستقلة، الانتفاضة قد تكون الفرصة الأخيرة لاستعادة الوطن وإعادة بناء الدولة على أسس وطنية حقيقية تحفظ للبلاد سيادتها واستقلالها وتعيد لها مكانتها بين الأمم.

زر الذهاب إلى الأعلى