مقالات الرأي

المساس بالمسجد الأقصى ومكانته التاريخية والوطنية والدينية وصْفة لحرب شاملة 

بقلم/ محمد علوش

الإرهابي الصهيوني ايتمار بن غفير يطلق العنان لتصريحاته المعادية والعنصرية حول بناء كنيس يهودي في المسجد الأقصى، وهذه التصريحات والأعمال الاستفزازية اليوميّة وعمليات الاقتحام العدوانية لباحات الأقصى هي جزء من المخططات العلنية لحكومة الاحتلال التي تستهدف العدوان على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، واستكمال تهويد المدينة وإلغاء هويتها العربية والحضارية التي تضرب جذورها عميقة في ذاكرة المكان، وجرائم الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأماكن المقدسة في مدينة القدس، تمثل جزءًا أساسيًّا من سياسات الطرد والاعتقال والتهجير وتوسيع الاستيطان وفرض الهيمنة الاحتلالية وأسرلة وتهويد وعزل العاصمة المحتلة عن محيطها. 

ويستمرّ ما يسمى بوزير الأمن القومي الإسرائيلي، بن غفير، في التحريض على المسجد الأقصى، والتعبير عن نوايا الاحتلال ومخططاته في الحرم القدسي، وفي القدس المحتلة بشكل عام، بل وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة ككل، وممّا أعلنه هذا الوزير الإرهابي أنه يدعم بناء كنيس داخل الأقصى الشريف، وأن السياسات المتّبعة تسمح لنا بالصلاة فيه، على حد زعمه، حيث قال: “لو تمكّنت من القيام بما أريد، لأقمت كنيسًا أيضًا في جبل الهيكل”، وبكل تأكيد هذا الموقف يعبر عن إرادة وبرنامج وقرار حكومة نتنياهو الفاشية، فليس هناك من يعارض ذلك من قادة الاحتلال، والذين تنسجم مواقفهم تمامًا مع جوهر التصريحات المعادية لبن غفير، لكنهم يدركون أن الإدلاء بها بذلك الشكل، وفي هذا التوقيت خصوصًا، من شأنه أن يزيد من حدّة الضغوط على إسرائيل، في وقت تسعى فيه حكومة الاحتلال إلى تقليل الانتقادات ومحاولة فك العزلة المحيطة بها منذ عدة شهور في إطار المواقف الدولية الرافضة لجريمة الحرب والإبادة الجماعية في قطاع غزة وفي كافة أنحاء الوطن الفلسطيني المحتل.

هذه الجرائم لا تقتصر على المجرم بن غفير صاحب السجل الإرهابي الحافل، ولكنها سياسة متجذرة لدى حكومة الاحتلال شكلًا ومضمونًا، ولا يجب أن يصدق أحد الألاعيب المتعلقة بتبادل الأدوار بين كافة أطراف ومكونات وقادة حكومة الاحتلال وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، الذي يمثل ضابط الإيقاع وصاحب القرار الأول في جريمة الحرب المستمرة، وحكومة الاحتلال، بطبيعة الحال، تستثمر الصمت العربي والإسلامي والدولي، وتوسع من مستوى جرائمها في القدس، وتسرّع عدوانها الشامل الذي يستهدف هوية المدينة ومقدساتها وأهلها، وتغيير معالمها التاريخية التي لا يجوز المس بها، وبكل الأحوال فإن حالة الصمت العربي وعجز وتواطؤ أطراف في المحيط العربي والدولي تجاه حرب الإبادة في غزة، تفتح شهية قادة الاحتلال لتنفيذ كل مخططاتهم ومشاريعهم التي تستهدف شعبنا الفلسطيني وقضيتنا الوطنية.

إن استمرار الفاشيين والعنصريين الإسرائيليين وفي مقدمتهم بن غفير في اقتحام وتدنيس حرمة الحرم القدسي الشريف، وتهديداته العلنية والمتكررة بتدمير المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، يمثل انتهاكًا لكافة المواثيق والأعراف الدولية، واعتداء على مشاعر كافة المسلمين وهو اعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، ودعوة مفتوحة لحرب عدوانية شاملة ضد أبناء شعبنا، في القدس المحتلة وفي محافظات الضفة الغربية، تزامنًا مع الحرب الدموية الشاملة التي تنال من أبناء شعبنا في قطاع غزة.

وعلى المجتمع الدولي أن يضع حدًا لجرائم إسرائيل واعتداءاتها السافرة، فالأقصى يتجاوز حدود كونه مسجدًا ذا خصوصية لدى شعبنا وعموم العرب والمسلمين، فإنه يشكل في الوقت نفسه، واحدًا من أهم الرموز الوطنية الفلسطينية، وواحدًا من أهم علامات الشخصية الوطنية لمدينة القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية، وهي دعوة مفتوحة أيضًا الى العالمين العربي والإسلامي لتحمل مسؤولياتهما، إزاء المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، وبيانات الإدانة والاستنكار لا تجدي نفعًا أمام الهجمة الاحتلالية المسعورة، ولا تلبي أبدًا ضرورات إطلاق معركة واسعة النطاق دفاعًا عن القدس.

تتواصل جرائم الاحتلال التي تشكل مرحلة خطيرة في مشروع الضم والحسم الإسرائيلي، لفرض الحل التصفوي للقضية الفلسطينية من جانب واحد، في ظل صمت وتواطؤ عربي، وإسناد ودعم سافر من النظام الإمبريالي الأمريكي، الأمر الذي يتطلب ردًا وطنيًا موحدًا، وامتلاك رؤية وطنية موحدة تؤسس لحالة وطنية متماسكة، والتوافق على استراتيجية كفاحية وطنية موحدة، تستنهض كل عناصر القوة، والوحدة الميدانية، وتستعيد الوحدة المؤسساتية، بما يعزز قدراتنا الوطنية على التصدي لحرب الإبادة في غزة وسياسة عزل وتهويد القدس ومواجهة مشروع الاحتلال الاستعماري القائم على التهجير والضم والحسم، وإفشال مشاريع ومخططات الإدارة الأمريكية التي تتبنى مخططات ومواقف الحكومة الاحتلالية الإسرائيلية. 

ورغم سياسات وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي ومحاولات فرض الوقائع الجديدة على الأرض والمس بالأماكن المقدسة، فإن المسجد الأقصى كان ولا يزال، وسيظل بساحاته وباحاته وكامل مساحته البالغة 144 ألفَ مترٍ مربعٍ، إسلاميًا خالصًا، وحقًا طبيعيًا وتاريخيًا للمسلمين، وهو أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، وسيظل كذلك رغم كل المخططات الإجرامية للعنصريين الإسرائيليين في تهويد المعالم التاريخية للمسجد الأقصى ولمدينة القدس.

زر الذهاب إلى الأعلى