إفريقيا والتحديات الأمنية والاقتصادية
بقلم/ ناصر سعيد
في السنوات الأخيرة من بعد الفوضى التي مرت بها دول شمال إفريقيا إثر ما سُمي زورًا بالربيع العربي، شهدت بعض الدول الإفريقية تغيرات وتحولات هامة في سعيها نحو التحرر من الإرث الاستعماري، تُعتبر هذه التحركات إشارةً لصحوة إفريقية نحو التحرر من الهيمنة الأجنبية والاستقلال.
شهدت الساحة الإفريقية في السنوات الأخيرة نشاطًا سياسيًّا وشعبيًّا واسعًا يعارض التدخل الفرنسي والغربي في الشؤون الإفريقية، عكست ذلك الانتفاضات الشعبية ضد المخططات الغربية الإمبريالية وخاصة التدخلات الفرنسية والأمريكية المباشرة في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية.
وقد شهدت العديد من الدول الإفريقية تغيرات هامة فيما يتعلق بالنفوذ الفرنسي، خاصة في غرب إفريقيا مثل النيجر وبوركينا فاسو، نتيجة عوامل عدة، منها ازدياد الوعي حيال التاريخ الاستعماري الفرنسي، مما أدى إلى طرح تساؤلات حول طبيعة العلاقة القديمة مع فرنسا وضرورة التحرر منها، كذلك انتشار رقعة التعليم والثقافة لعب دورًا هامًّا في تعزيز الهوية الوطنية الإفريقية.
ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن الوضع يختلف من بلد إلى آخر في إفريقيا، وأن هناك تحديات متعددة تواجهها الدول الإفريقية في سعيها إلى التحرر الكامل، ومن بين تلك التحديات التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية، سواء أكانت من الدول الاستعمارية السابقة أم من قوى عالمية صاعدة أخرى، هذه التدخلات تشمل التدخل العسكري والضغوط السياسية والاقتصادية، والديون الخارجية التي أصبحت عائقًا أمام تحقيق التنمية المستدامة، إضافة إلى التحديات الاجتماعية والمعيشية مثل الفقر وارتفاع معدلات البطالة، تلك التحديات تعوق الجهود في تعزيز العدالة الاجتماعية، مع وجود تحدٍّ ضاغط يتمثل في النزاعات الداخلية والصراعات العرقية، يشكل عرقلة نحو تحقيق الاستقلال الكامل، كما أن بعض الدول الإفريقية تواجه تحديات أمنية مثل الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة، والتي تؤثر سلبًا على استقرار الدول وقدرتها على بناء التقدم وخلق التنمية المستدامة.
هذه التحديات قد تختلف من بلد لآخر وتتأثر بالعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل دولة، مما يتطلب اتباع استراتيجية للتصدي لتلك التحديات وخاصة الأمنية، تكون من خلال تعزيز التعاون الأمني الإقليمي وتنسيق الجهود في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الحدود، وتطوير القدرات الأمنية وتحديث وتدريب القوة الأمنية.
سعى الأفارقة إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي عن طريق تنمية قطاعاتهم وقدراتهم الإنتاجية واستغلال مواردهم الطبيعية بشكل أكبر. كما أن إنجاز التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية، وتحقيق التقدم وتعزيز الاستقرار يتم أيضا من خلال الاستثمار في الحوار والمصالحة كوسيلة لحل النزاعات، وترسيخ ثقافة المسامحة والمصالحة المجتمعية والتعايش السلمي بين الأعراق والقوميات المختلفة.