مقالات الرأي

أما آن لهذا الليل الطويل أن ينجلي؟

بقلم/ فرج بوخروبة 

انتظار محنة.. في الانتظار تتمزَّق الأنفس، في الانتظار يموت الزمن وهو يعي موته، والمستقبل يرتكز على مقدمات واضحة، ولكنه يحمل نهايات متناقضة فليعب كل ملهوف من قدح القلق ما شاء. في الانتظار، يصيبني هوس برصد الاحتمالات الكثيرة! اقتباسات من رواية الحرافيش للأديب نجيب محفوظ.

ويقول أحد الحكماء: الصبر ليس القدرة على الانتظار فقط، بل هو أيضا طريقة تصرفك أثناء الانتظار.. مر الوطن بظروف سياسية قاسية وصعبة، ولا يزال يعاني تبعات هذه الظروف السياسية، التي أدت إلى تراجع مستوى الاستقرار في البلاد منذ سنوات طويلة، والأسباب متعددة، أبرزها عدم قدرة الدولة على استيعاب ما يحدث من تغيرات في المشهد السياسي والاقتصادي، بصورة كبيرة في ظل غياب الحكمة في التعامل مع التحديات، وطريقة إدارة الأزمة، وما يترتب عليها من تداعيات على الصعيد السياسي والأمني، فضلًا عن عدم وجود مؤشرات واضحة لمعالجة هذه المشكلة المتفاقمة، من قبل المسؤولين عنها، التي أدت إلى تردي الوضع، بسبب الظروف الراهنة في البلاد، خصوصًا بعد انتشار ظاهرة العنف، وما ترتب عليها من مخاطر على المجتمع، في ظل غياب آليات واضحة للتعامل بحكمة أو رؤية سياسية ذات مصداقية في مواجهة كل أشكال الفساد السياسي، والاقتصادي، التي يهدد مستقبل الوطن والمواطنين، مع استمرار ليل ربما سيكون أشد حلكة وسوادًا، والأمر ذاته ينطبق أيضًا على الواقع المعاش طيلة أربع عشرة سنة بلياليها المظلمة في الصراع بين الأطراف الليبية صاحبة النفوذ الحقيقي كلها وحيزها المكاني، التي تسعى جاهدة إلى المحافظة عليه بكل ما تملك من وسائل وطرق وأساليب مختلفة في سبيل تحقيق أهدافها، ما فتئت تذكر الإنسان بنفسه!!

حيث يقول الشاعر أبو القاسم الشابي:

كذا صاغكَ اللهُ يا ابنَ الوُجُودِ 

وأَلْقَتْكَ في الكونِ هذي الحيَاهْ

فما لكَ ترضَى بذُلِّ القيودِ

وتَحْني لمنْ كبَّلوكَ الجِبَاهْ

وتنهمر الأسئلة تترى!

وتُسْكِتُ في النَّفسِ صوتَ الحَيَاةِ

القويَّ إِذا مَا تغنَّى صَدَاهْ

وتَقْنَعُ بالعيشِ بَيْنَ الكهوفِ

فأَينَ النَّشيدُ وأينَ الإِيَاهْ

أَتخشى نشيدَ السَّماءِ الجميلَ

أَتَرْهَبُ نورَ الفضَا في ضُحَاهْ

ويأتي بعدها كلامهُ محفزًا للنهوض ومُزِيلًا لكل أشكال الخوف من القادم!!

ألا انهضْ وسِرْ في سبيلِ الحَيَاةِ

فمنْ نامَ لم تَنْتَظِرْهُ الحَيَاهْ

ولا تخشى ممَّا وراءَ التِّلاعِ

فما ثَمَّ إلاَّ الضُّحى في صِبَاهْ

وإلاَّ رَبيعُ الوُجُودِ الغريرُ

يطرِّزُ بالوردِ ضافي رِدَاهْ

وإلاَّ أَريجُ الزُّهُورِ الصُّبَاحِ

ورقصُ الأَشعَّةِ بَيْنَ الميَاهْ

وإلاَّ حَمَامُ المروجِ الأَنيقُ

يغرِّدُ منطلِقًا في غِنَاهْ

إلى النُّورِ فالنُّورُ عذْبٌ جميلٌ

إلى النُّورِ فالنُّورُ ظِلُّ الإِلهْ

كلمات تخاطب الإنسان وتنبهه، تحتاج إلى خطوة واحدة، وبالرغم من كونها خطوة، فإنها الأهم! 

وهو القائل: 

“إِذا الشَّعْبُ يومًا أرادَ الحياةَ.. 

فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ

..ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي.

ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ..

تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ

فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ..

من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ

كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ..

وحدَّثَني روحُها المُستَتِرْ”

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى