عودة شيطان أنقرة
بقلم/ عفاف الفرجاني
في سابقة من نوعها، محليًّا ودوليًّا، وقَّعت تركيا وحكومة الوفاق الوطني في نوفمبر 2022، اتفاقية تعاون عسكري وترسيم الحدود البحرية، ولم تعترف بهذه الاتفاقية الكثير من دول حوض البحر الأبيض المتوسط بما في ذلك مجلس النواب في ليبيا، هذه الاتفاقية الأمنية في طياتها ستمكن أنقرة من استخدام بعض المناطق الليبية كقواعد لنشر قواتها، استنكر الليبيون هذه الاتفاقية واعتبرتها نوعًا من ارتهان البلد لتركيا، ولن يكون هناك طائل منها إلا إغراق البلاد في المزيد من الأزمات وعلى رأسها انتشار السلاح وإدخاله بطريقة مباشرة للأراضي الليبية، واستعمال ليبيا كقاعدة جوية بحرية لطموح أنقرة في المنطقة.
وعلى الرغم من إدانة تركيا أمام مجلس الأمن في سنة 2022 من خلال تقرير مفصل يبين حجم الانتهاكات التي تفتعلها تركيا في الغرب الليبي، وتأكد مجلس الأمن من تورط أردوغان بإرسال معدات وإجراء تدريبات لميليشيات مسلحة مسيطرة على البلاد، رغم وجود حظر يفرض توريد الأسلحة إلى ليبيا بقرار من الأمم المتحدة 2011 وكذلك قرار أوروبي في نهاية مارس 2020 بإطلاق عملية إيريني للقوات البحرية التابعة للاتحاد، اعتبر الليبيون أن هذه المذكرات لا تتعدى كونها مذكرات تفاهم بين حكومة غير شرعية ودولة مستعمرة طامعة، ولن يكون لها موطئ قدم واقعيًّا، اليوم وفي هذا الشهر تحديدًا الذي يدعو فيه الليبيون شعبا ومجلس نواب وجيشا إلى تشكيل حكومة جديدة بدل حكومة طرابلس منتهية الشرعية، نتفاجأ بتسريبات من مصادر إعلام تركية بتقديم أردوغان مذكرته إلي البرلمان التركي والتي جرى توقيعها في الأول من مارس بناء على مذكرات تفاهم سابقة، بما في ذلك مذكرة التعاون والتدريب العسكري وقعت في العام 2012، ومذكرة التعاون الأمني والعسكري الموقعة في العام 2019.
والتي تعتبر احتلالا صريحًا وعبثًا بأمن البلاد واستقرارها من خلال تقوية وجود الميليشيات وهي الأجنحة العسكرية لحكومة دبيبه وثلة من الإخوان المسيطرين على الجزء الأكبر من مجلس الدولة.
هذه المذكرة التي تدعم وجود المحتل التركي على الأراضي الليبية مقننًا وشرعيًّا حتى أنها المادة 11 في هذه المذكرة تخول التعاون العسكري على (أن أي جرائم يرتكبها عسكريون أتراك أثناء أداء مهامهم أو في نطاق مسؤولياتهم ستخضع للقانون التركي حصريًّا)، هذا يقودنا لخيار واحد وهو حصانة لحماية جرائمهم لا تخضع للقانون الليبي ويعزز بقاءهم جاثمين على الأرض الليبية، بموجب اتفاقيات يكفلها الاتفاق بين الدولتين، هذه الاتفاقيات استعملت في 2019 عندما تم إيقاف المشروع الوطني الذي يهدف إلى توحيد المؤسسة العسكرية عندما زودت حكومة السراج بالذخيرة والطائرات بدون طيار وجلبت نفايات المرتزقة.
أردوغان الذي لا يخفي طمعه في ليبيا والذي أعلن عنه في مؤتمر صحافي جمعه مع حليفه فايز السراج في أنقرة، في 4 يونيو 2020، عبر عن مساعيه إلى توسيع التعاون، ليضم عمليات التنقيب والحفر عن النفط والغاز والموارد المعدنية وغيرها، اليوم حفيد سلطنة الباب العالي يعود لشرعنة اتفاقيات الاحتلال التركي الليبي من خلال مصادقة برلمانه على هذه الخطة الشيطانية.. لهذا على الشعب الليبي والقوات المسلحة والبرلمان والقوة الوطنية مواجهة هذه الأزمة والتي ستكلف ليبيا حربًا سياسة وعسكرية لا نهاية لها.