مقالات الرأي

متى يبزغ فجرك عروس البحر؟

بقلم/ فرج بوخروبة 

كُلنا أمل بأن زوال الشِدة قريب جدًا.. وبكل تفاؤل ننتظر بزوغ الفجر في جُنح الظلام.

عانت الظروف الصعبة التي عاشها الشعب الليبي منذ سنوات عديدة، من خلال ما يسمى بعملية تحرير ليبيا، والتي أدت إلى انهيار الدولة في ظل وجود عصابات مسلحة في البلاد، فضلًا عن وجود جماعات معارضة في تصورها وتسويقها لنفسها على أنها الحل السياسي الوحيد، الذي يمكنه الوصول إلى جعل ليبيا أكثر أمنًا وأكثر قوة من أي وقت مضى، وستزدهر على أيديهم من دون أي تدخل خارجي أو عسكري وذلك لثقتهم بما يتمتعون به من قدرة على تحقيق الاستقرار والسلام في كل المجالات، وعلى مختلف الأصعدة بما فيها الاقتصاد الوطني وتحسن الظروف المعيشية.. ومن ذلك الوقت وليبيا تنتقل من مرحلة لأخرى، ابتداء من المجلس الانتقالي، حتى المؤتمر الوطني العام، وصولا إلى عملية عسيرة كان للشعب الليبي دور كبير في تحقيق نتائج إيجابية، سرعت برحيل المؤتمر الوطني العام تحت شعار “لا للتمديد”، وصولًا إلى مجلس النواب بطبرق، الذي تعرض لانتقادات شديدة بسبب وجود خلافات على مقر رئاسته وفق تعديلات دستورية قامت بها لجنة فبراير المشكلة بقرار رقم 12 لسنة 2014، الذي قررت بموجبه تعيين المقر الرئيسي للمجلس ببنغازي، التي كانت حينها في مقارعة مع الإرهاب، ونتج عن ذلك التعنت ولادة ميليشيات فجر ليبيا، التي عاقت السلطات التشريعية والتنفيذية، وحتى القضائية التي حاصروها هي الأخرى بأعتى أنواع السلاح، لانتزاع حكم ببطلان إجراءات انتخاب البرلمان، وفازوا بالحكم تحت التهديد والوعيد، ليعيدوا للأذهان ال 200 تابوت المسجاة أمام فندق ركسوس وخيمة العزل السياسي لإرهاب أعضاء المؤتمر الوطني في ظاهرة غير مسبوقة للعنف السياسي!! وأصبح الحكم مشجبًا يعلقون عليه حجتهم القانونية عند أي قرار يتخذه مجلس النواب!!

تحررت بنغازي ودرنة وسرت والجفرة وكامل الجنوب الليبي على يد القوات المسلحة العربية الليبية، وأصبحت طرابلس ترزح تحت وطأة الفوضى التي شهدتها على مدار الساعة بسبب وجود الميليشيات المسلحة، بمسمياتها المختلفة، التي سيطرت على المدينة والمدن المجاورة.. وأمست العاصمة أسيرة تلك الطغمة الفاسدة، في ظل ثقافة قمعية، تتستر بزيف الظواهر النفسية السلبية، مستغلين إياها في خداع الناس، الذين رغبوا محبتهم، رغم قسوتهم ومقتهم لكل من يقترب منهم.. أخذتهم العزة بالنفس فاحتقروا غيرهم وحاربوهم ونغصوا عليهم حياتهم اليومية في كل شيء! فكيف لنا إذن أن نبني وطنًا منهكًا نفسيًّا ومثقلًا بالتعب مع هذه الأجسام الموبوءة؟!!

هكذا هي عروس البحر اليوم تعيش أحلك الظروف التي تمر بها طيلة عقد ونيف من عمر الفوضى والمعاناة، من جراء الحروب والأزمات التي تشهدها نتيجة الأحداث المتكررة بين قادة الميليشيات المسلحة، التي فرضت نفسها على أنها هي صاحبة الحق الوحيد في اتخاذ القرارات المصيرية في العاصمة كونها تشكيلات ثائرة. 

تمسي طرابلس والزاوية على حال وتصبح على حال آخر من الكدر والكمد، أرواح تزهق وأخرى تقطعت أطرافها، وأسر تركت بيوتها عنوة وافترشت العراء، في وضح النهار رغم وجود الأجهزة الأمنية والشرطية وحتى العسكرية، التي لم تحرك ساكنًا إلا بقدر ما يسمح لها من القادة الثوار العتاوتة، وللأسف لا نرى نهاية لهذا الصراع المبني على أساس التضاد ولمن له الغلبة على حلبة الصراع الدموي في عاصمتنا الأبدية طرابلس، المرتهنة لأمزجة متهور يرسم لها سياستها الداخلية والخارجية وفق رؤية محدودة الأفق، متحديًا الشعب الليبي في المدن الأخرى شرقًا وجنوبًا الخالية من السلاح والاقتتال على السلطة، بعد أن لملمت شملها، وضمدت جراحها، واتجهت نحو التنمية والإعمار الذي تشهده هذه المناطق بوتيرة متسارعة تحت مرأى ومسمع العالم بأسره.

والمستغرب هو ما نسمعه من هؤلاء العصبة، عن مخاوفهم من تحركات الجيش الوطني نحو حماية الحدود والمنافذ البرية في الجنوب، كاختصاص أصيل لمنع انتشار السلاح وتجارة المخدرات، ومحاربة الهجرة غير النظامية!

ونستغرب أيضًا الاعتراض على ميزانية الدولة التي خصصت للحكومة الليبية المعترف بها برلمانيًّا! كما نستغرب موقفهم من محافظ ليبيا المركزي الذي كان حلوًا سكرًا فيما مضى من زمن ليس ببعيد!!

وأما عن زيارة حكومة أسامة حماد فذلك شأن آخر، هكذا هي ظروف المنطقة الغربية التي ينتظرها الشعب الليبي بكل شغف لتلحق بركب الوطن الواحد لنعيد إعمار الوطن مع وحدة الصف والكلمة، وحتى متى؟!!

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى