مقالات الرأي

رشوقراطية وكراسي ملطخة بدماء شبابنا

 بقلم/ محمد جبريل العرفي

اتفاق القاهرة أشعل معارك في المنطقة المضطربة من ليبيا، بقيادة الدبيبة المستعد لتقديم أي ثمنٍ للكرسي بما فيها إراقة دماء زكية للشباب الليبي

اتفاق القاهرة أسس لاقتلاع حكومة النكبة الوطنية، فأشعل معارك في المنطقة المضطربة من ليبيا، بقيادة عائلة (الدبيباتشيلد) المستعدة لتقديم أي ثمنٍ للكرسي بما فيها إراقة دماء زكية لشباب ليبي، ومعها جماعة الإخوان المسيطرة على مجلس الدولة (الاستشاري) منذ تأسيسه بضحكة الصخيرات، الإخوان متقلبون حسب النفعية، وباطنيون يمارسون التقية، ويجمدون خلافاتهم الفكرية مع الجماعة الليبية المقاتلة التي تسيطر على الرئاسي، برئاسة الذي تنكر لتاريخ والده المشرف الله يرحمه، فأصبح مرشح حزب بالحاج، وعضو كتلة الوفاء للشهداء برئاسة الزنديق عبد الوهاب قايد شقيق الزنديق أبو يحيى الليبي، سلوكه ليس لقناعات فكرية، بل بدوافع نفعية، وخوف من سطوة الميليشيات وعار التسجيلات. فشاهدناه يهدد بإقالة المحافظ، وينشئ مفوضية للاستفتاء تمهيدًا لعرض دستور (تورا بورا) عليها إلكترونيًا، لإقراره تحقيقًا لرغبة جماعة الإسلام السياسي أو الاستفتاء إلكترونيًّا على حل البرلمان. 

“الرشوقراطية بالصريرات” لشراء الولاءات، كما فعل في انتخابات رئاسة مجلس الدولة، وقبلها في جنيف، باعتراف عراب الرشوة، الذي أصبح مستشارًا للرئاسي وسفيرًا في هولندا. 

قطار الانهيار تم إيقافه، بتضحيات القوات المسلحة العربية الليبية، والقوة الشعبية المساندة لها، وبنجاح التيار الوطني بمجلس النواب بإصدار التشريعات واتخاذ الإجراءات والمواقف الوطنية. 

(الدبيباتشيلد) الآن محاصر من أربع جهات، أولها الصديق الكبير الذي جفف منابع تمويله، فعجز عن تمويل مرتزقته، فاتجه للإسلامويين العقائديين الذين يكنون عداء تاريخيًّا للجيوش الوطنية، ويحقدون على مصر منذ أحداث المنشية، إلى ثورة 30 يونيو الفريدة. 

وثانيها القوات المسلحة التي أمنت ثلاثة أرباع ليبيا وحدودها وتحالفت مع الثوريين الأفارقة لطرد فرنسا. القوات المسلحة العربية الليبية لديها ثأر قديم مع فرنسا، وكما هزمتها في بداية الثمانينيات ها هي تساهم في طردها من أفريقيا.

وثالثها فقدانه سندًا كان يتكئ عليه مدعيًا الشرعية الدولية، التي تآكلت بفعل بروز القطب الشرقي بقيادة روسيا والصين، وانشغال الغرب بأوكرانيا وفلسطين واليمن، مما قلل اهتمامهم بليبيا. 

ورابعها مجلس النواب، فمهما قيل عنه وما يشوبه من مثالب، فهو الجسم الشرعي الوحيد لكونه المنتخب من الشعب، أما مجلس الدولة (الاستشاري) فظهر في غفلة من عناصر معظمها غير منتخبة، فاغتصب السلطة، وتحول إلى جسم متورم ومنغص ومعرقل للحل، ولهذا كان قرار مجلس النواب الثلاثاء الماضي بانتهاء صلاحية مخرجات جنيف خطوة تُحسب له، لكنها تحتاج إلى قوة تحميها من المستفيدين من جنيف، وهم داخليًا صنفان ميليشيات مسلحة عقائدية من بقايا القاعدة وأمها وأخواتها، تقودهم فتاوى المفتن وينظمهم سامي الساعدي، ويزوق لهم بالحاج، والصنف الثاني مجموعات مسلحة غير عقائدية كبنادق للإيجار، ولهذا عندما جفف المحافظ مصادر تمويل (الدبيباتشيلد) بدأوا في التخلي عنه، لكن الخوف أن تتجه هذه المجموعات إلى الجريمة المنظمة بالتهريب وتجارة المخدرات والبشر، أو الحرابة والخطف والابتزاز، مما يزيد من معاناة السكان الأبرياء في المنطقة المضطربة.

ثورة الإعمار التي تشهدها المناطق المؤمنة، وسرعتها وضخامتها وتنوعها وانتشارها جغرافيًا وشموليتها، أعادت أمل الناس بحياة رغدة، تكمل الحياة الآمنة التي صنعتها القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، فالأمن والإعمار صنعا حالة وعي في كل ليبيا لمقارنة الحالتين، (حالة الأمن والترفيه والتنمية، وأخرى الرعب والقلق والضنك).

الأجدى تقليص مساحات نفوذ النهابين والميليشيات، باتباع أسلوب القضم والهضم، أي (التحرير والتأمين)، وهذا يتطلب تحصين المناطق المؤمنة ضد اختراقات العدو، ومحاولاته للتأثير سلبيًّا في الحاضنة الاجتماعية بالإشاعات وتضخيم الهفوات، وتلبيس قيادة القوات المسلحة التصرفات والأخطاء الفردية غير المؤسسية.
نجاح المشروع يعتمد على القوة الذاتية لأصحابه، فالعامل الخارجي تقلص، إما بانشغاله بساحات أهم أو بظهور عامل توازن من قطب ثان، يتبقى العامل الداخلي، فرغم أن الاقتصاد والجغرافيا تحت السيطرة، فالحذر من تبديل الولاءات، فلا أمان لخريجي المدرسة الإخوانية، مهما ادعوا انفصالهم عن تنظيم الإخوان، والحذر من إشعال حرب أهلية بالمنطقة المضطربة، فلو توفرت صريرات ستتحالف المجموعات المسلحة مع الميليشيات الأيديولوجية والجهوية، لإشعال اقتتال يريق مزيدًا من دماء شبابنا.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى