مقالات الرأي

الفيضانات وآثارها

بقلم/ علي المبروك أبو قرين

تتعرض ليبيا مؤخرًا لفيضانات وسيول في شمال البلاد وجنوبها من درنة للكفرة وغات وتهاله وقد يكون في غيرها لا قدر الله.

وتحدث الفيضانات فجأة وفي غضون ساعات قليلة نتيجة الأمطار الغزيرة التي تتحول إلى سيول جارفة تغرق الأحياء والشوارع والأودية والسهول، وأحيانًا تحول الصحارى إلى بحيرات، وتحدث الفيضانات نتيجة انهيار السدود فجأة، والفيضانات تجرف الأراضي وما عليها من مرافق ومبان ومزارع، وتجريف السيارات والمركبات بمن فيها، ومياه الفيضانات قد تحتوى جثث بعض الناس الذين جرفتهم السيول، ومياه الفيضانات ملوثة بالصرف الصحي، ونفايات الحيوانات والحيوانات البرية والضالة والأفاعي وغيرها من قوارض وأشياء أخرى كثيرة، وتحتوي على النفايات المنزلية والطبية والصناعية، ومخلفات كيميائية ومخلفات إشعاعية وبيولوجية، ونفايات رماد الفحم الذي يحتوي على الكروم والزرنيخ والزئبق المسرطنة، وتحتوي مياه الفيضانات على مخلفات المباني المنجرفة وأشياء حادة من معادن وزجاج وخشب ومسامير، تسبب إصابات وجروحًا مباشرةً وتسبب العدوى.

والتعرض للمياه الملوثة يؤدي إلى أمراض الجهاز الهضمي مثل (الاشريكية القولونية والسالمونيلا)، وتسبب التهابات الجروح والطفح الجلدي والكزاز، والتعرض للدغات، ولذلك في حالة تعرض أي مدينة أو قرية إلى فيضانات ضرورة التنبيه على التوجه للأماكن المرتفعة في حالة الإخلاء والنزوح، وفصل الكهرباء كليًّا عن المنازل وعدم قيادة السيارات في أعماق مياه غير معلومة، وتجنب المناطق المغمورة بالمياه، والابتعاد كليَّا عن مياه الفيضانات بغض النظر عن مصادر الثلوث وأنواع الملوثات، وعدم شرب المياه من أي مصادر قريبة من مياه الفيضانات لتجنب العدوى، وفي حالة ملامسة مياه الفيضانات سرعة الاغتسال بالمياه النقية النظيفة والصابون، وفي حالة عدم توفر المياه النظيفة ضرورة استخدام المعقمات والكحول، وغسل الملابس الملوثة بالمياه النظيفة الساخنة والمنظفات.

ونوصي بالعناية بالجروح والمداواة المستمرة، والابتعاد كليًّا عن مياه الفيضانات أو أي شيء تصله المياه الملوثة، وفي حالة التعرض للإصابة بشيء حاد ملوث ضرورة استشارة الطبيب لأخد اللقاح اللازم والدواء، وعلى كل مضطر للتعامل مع مياه الفيضانات أو آثارها على المنازل والشوارع ضرورة اتخاذ الاحتياطات الاحترازية وارتداء الأحذية المطاطية الواقية، والنظارات الواقية، واستخدام القفازات المطاطية الواقية، واتباع خطوات النظافة العامة للجسم والملابس لتجنب العدوى.. ولا يسمح أبدًا للأطفال باللعب في مياه الفيضانات أو اللعب بألعاب ملوثة بمياه الفيضانات.

وفي حال تسببت الفيضانات بوفيات بعض الناس وجرفتهم السيول ضرورة التعامل مع الجثث باتباع المعايير العالمية للدم وسوائل الجسم واستخدام أكياس الحفظ المعتادة، وهناك اعتقاد خاطئ بأن الجثث تمثل خطرًا وبائيًّا إذا لم يتم الدفن على الفور، كما لا ينبغي التخلص من الجثث بشكل عشوائي في المقابر الجماعية، ولا تحتاج الجثث للتطهير قبل الدفن إلا في حالات الكوليرا والأيبولا وغيرها من الأمراض المعدية الخطيرة، ويجب أن تتاح للعائلات والأهالي الفرصة لدفن موتاهم وإقامة الجنازات بالطرق المعتادة.

ونظرًا إلى التغيرات المناخية والبيئية والظروف التي أصبحت تفاقم من تعقيدات الحياة والمعيشة، على الجهات المسؤولة ضرورة إنشاء هيكلية للطوارئ بأعلى السلطات التشريعية والتنفيذية برؤية ورسالة وأهداف واضحة وجلية، وإمكانيات كاملة التجهيز وكوادر مؤهلة بالعلم والتدريب وكافية للتدخل السريع والتعامل مع الكوارث والتهديدات الطبيعية وغيرها، لإنقاذ الناس وحماية الأرواح والممتلكات، وتخفيف الأضرار بتسخير كل الإمكانيات البشرية والمادية واللوجستية للإخلاء العاجل والآمن وتأمين الأماكن المتضررة وتوفير الدعم الكامل للمتضررين صحيًّا ونفسيًّا وماديًّا في بيئات معيشية صحية تلبي الاحتياجات وتحافظ على الكرامة، وفق خطط وبرامج عملية وعلمية تحقق سرعة الإنجاز وقلة الأضرار وتعجيل التعافي. 

إن تقييم الأوضاع البيئية والمخططات السكانية والإنصاف والعدالة والمساواة بين كل المدن والقرى والأماكن وتوفير الإمكانيات والخدمات بمعايير عالية وموحدة لكل الناس في كل البلاد والاستعداد والاستجابة السريعة للتعامل الصحيح والسليم مع الكوارث والحوادث الطارئة من أولى أولويات الدولة والمجتمع.. حفظ الله بلادنا وأمتنا.. ونسأل الله السلامة.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى