مقالات الرأي

الأثر الاقتصادي لتداعيات العدوان الصهيوني على غزة

بقلم: عثمان يونس

الارتفاع الحاد في المخاطر الجيوسياسية وتحول الحرب بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني وغزة إلى صراع إقليمي يشمل إيران والمقاومة اللبنانية من شأنه أن يؤثر بشدة على الآفاق الاقتصادية لدول المنطقة.وقد ارتفعت هذه المخاطر بشكل حاد منذ اغتيال إسماعيل هنية في طهران بعد ساعات من ضرب الكيان الصهيوني ضاحية جنوب بيروت، مما أسفر عن استشهاد القيادي في حزب الله فؤاد شكر.

يقول المحللون إن المنطقة من المرجح أن تكون قادرة على تجنب حرب واسعة النطاق.

ومع ذلك، إذا لم يتم تخفيف التوترات وتحققت أسوأ المخاوف، فإن الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستكون الأكثر تضررًا.

في سيناريو تصعيد الأزمة، يمكن أن تشمل الأهداف المحتملة للعدو في لبنان البنية التحتية الحيوية للمقاومة اللبنانية والتي يقع بالقرب منها مطار بيروت الدولي وميناء بيروت البحري، بالإضافة إلى صيدا وصور وجميع الموانئ الصغيرة في جنوب لبنان، في الوقت الذي تشير فيه التقديرات إلى أن اقتصاد البلاد قد عانى بالفعل من أضرار بقيمة 1.5 مليار دولار بسبب الحرب، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام المحلية.

حيث يواجه القطاع المصرفي أكثر من 70 مليار دولار من الخسائر، وفقدت العملة المحلية أكثر من 90 % من قيمتها منذ عام 2019، عندما تخلفت البلاد عن سداد ديونها لأول مرة في تاريخها.

وفيما يخص إيران فإن اغتيال إسماعيل هنية في طهران وجه ضربة لخطط الرئاسة الإيرانية الجديدة للتعامل مع الغرب وتحرير إيران من عبء العقوبات التي شلت اقتصادها، فيما سيؤدي الرد الإيراني إلى إعاقة جهودها لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية داخل المنطقة وكذلك على الصعيد الدولي لتعزيز الاستثمار في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والبنية التحتية للنفط والغاز، حيث عانى الاقتصاد الإيراني من العقوبات الخارجية التي أعادت واشنطن فرضها في عام 2018 بعد أن أزال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لخطة العمل الشاملة المشتركة التي كان من الممكن أن توفر الإغاثة لطهران في مقابل الحد من برنامج التخصيب النووي.

كما أن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 ومتابعة الإصلاحات لدعم النمو الاقتصادي في البلاد هي الأولويات العليا للرئيس الإيراني الجديد.استمر الاقتصاد الإيراني في النمو في السنوات القليلة الماضية، حيث وصل الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.7 % في العام الماضي.

ومع ذلك، من المتوقع أن يتباطأ النمو بنسبة 3.3 % هذا العام و3.1 % في عام 2025، وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي.فيما يتعلق باقتصاد دولة الكيان المحتل فمنذ أن شن العدوان هجومه على غزة والذي وصلت خسائره حتى اليوم لمقتل ما يزيد على 40 ألف شهيد جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ فضلًا عن تدمير شامل للبنى التحتية والمباني والمساكن في كامل قطاع غزة ورفح، وقامت حكومة العدو بالاقتراض من مؤسسات التمويل المحلية لتمويل عجز الميزانية وتغطية نفقات حربها على القطاع، الأمر الذي سيزيد من الضغط على خزانتها وبالتالي مزيدًا من الديون، وإحدى نتائجه المحتملة هي أن التصنيف الائتماني لدولة الكيان سيتم تخفيضه مرة أخرى، مما يجعل تمويل العجز في المستقبل أكثر صعوبة وتكلفة.

وفي هذا الإطار ذكرت تقارير البنك المركزي للكيان الصهيوني أن وتيرة النمو البطيئة حيث تفترض أن التأثير المباشر للحرب على الاقتصاد سيستمر حتى بداية العام 2025، كما ذكرت تقارير مالية من داخل الكيان أن التكلفة المقدرة للنزاع للفترة ما بين عام 2023 و2025 تبلغ حوالي 70 مليار دولار أو 13 % من توقعات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024، والتي تشمل ارتفاع الإنفاق الدفاعي والمدني، فضلًا عن انخفاض الإيرادات الضريبية، كما أن هناك علامات على قيام الشركات الدولية بتأخير استثماراتها في دولة الكيان المحتل.

كما يتوقع أن تؤدي الهجمات المحتملة الأوسع نطاقًا على دولة الكيان إلى تفاقم الوضع الاقتصادي المتدهور. في الوقت الذي تعاني فيه حكومة الكيان من عجز كبير في الميزانية، والذي سيزداد سوءًا إذا ما تم شن حرب واسعة من قبل إيران والمقاومة اللبنانية على الأراضي المحتلة.إن الحرب التي تمتد إلى لبنان وإيران ستضرب ثقة المستثمرين في المنطقة وستؤثر على قطاعات من السياحة والشحن إلى تجارة التجزئة والعقارات.

حيث ستتضرر السياحة والزراعة بشكل خاص، كما أن تعهدات المقاومة اليمنية، بمهاجمة السفن التجارية للدول الداعمة للكيان في البحر الأحمر ردًّا على حرب غزة، وتكثيف حملتها في الممر التجاري العالمي الحيوي، ستؤدي إلى إضعاف حركة التجارة في أهم ممر تجاري عالمي والذي يمر عبره أكثر من 20% من حجم التجارة العالمية، مما يزيد بشكل كبير من خطر الأضرار وتعطيل الشحن التجاري والدعم البحري المنتشر.

وفي هذا الصدد أيضًا فإن أكبر تهديد اقتصادي من المرجح أن ينشأ عن دخول إيران المباشر في الصراع سيكون ارتفاع أسعار النفط وزيادة تقلبات السوق، مما سيؤدي إلى عواقب على الاقتصاد العالمي ويعيد مسألة التضخم إلى الطاولة، فإيران التي تتحكم في مضيق هرمز الذي يمر عبره ما يزيد على 21 % من حجم الاستهلاك النفطي العالمي، سيؤدي دخولها في الصراع ضد العدو الصهيوني إلى توقف هذا المنفذ، وبالتالي قلة المعروض من النفط في سوق النفط العالمي الأمر الذي سيكون له نتائج كارثية على الاقتصاد العالمي بدءًا من ارتفاع أسعار النفط والتي يتوقع محللون تجاوزها سقف 150 دولارًا للبرميل، وانتهاء بتسجيل التضخم لمعدلات قياسية سيكون تأثيرها كارثيًّا على الاقتصاد العالمي ككل.

زر الذهاب إلى الأعلى