إبادة جماعية متكاملة الأركان
بقلم/ رئيس التحرير
تواصل الولايات المتحدة الأمريكية انحدارها الأخلاقي، وغطرستها ودعمها وانحيازها الفج لكيان العدو الصهيوني، وقمع كل من يتجرأ على نقد هذا الكيان الغاصب أو التظاهر ضده أو رفض حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها في غزة.
بالأمس استيقظ العالم على مشاهد مروعة لأشلاء الفلسطينيين الممزقة في مدرسة التابعين بغزة، مجزرة أخرى ارتكبها الكيان الصهيوني، راح ضحيتها 125 فلسطينيا وإصابة العشرات بينهم أطفال ونساء بفعل قنبلة أمريكية من طراز GBU-39 أسقطها طيران الكيان الصهيوني على رؤوس مئات الأبرياء النازحين بالمدرسة.
كلنا يتابع ويعي جيدًا حقيقة المشهد السياسي والأمني بمنطقة الشرق الأوسط والمواقف المتباينة لحكومات الدول العربية والغربية، وحجم تصاعد وتيرة الحرب والعدوان الصهيوني على قطاع غزة، وبالرغم من أنها ليست الحرب الأولى التي تشنها عصابات الكيان الإسرائيلي، إلا أنها هذه المرة أخذت أبعادا مختلفة وصلت وحشيتها لحد حرب إبادة جماعية وتصفية عرقية أيقظت ضمير شعوب العالم التي خرجت إلى الساحات والميادين تدين وتستنكر العدوان الصهيوني وقتل أبناء الشعب الفلسطيني وهدم المستشفيات والمساجد والمدارس والبيوت على رؤوس ساكنيها. بالصواريخ الذكية الأمريكية.
تسارعت الأحداث ورفعت دولة جنوب أفريقيا قضية أمام محكمة العدل الدولية التي أدانت حكومة الكيان الإسرائيلي الصهيوني بارتكاب مجازر وصفت بالإبادة الجماعية، لكن ورغم انضمام عدد من الدول لهذه الدعوة القضائية، لا يزال جيش الكيان يرتكب كل يوم المزيد من مجازر الإبادة بحق الشعب الفلسطيني… الجدير بالملاحظة هنا، وبما لا يدع مجالا للشك أن الداعم والشريك في هذه الحرب الظالمة هي الإدارة الأمريكية التي تقدم كل أنواع وصنوف العتاد العسكري والذخائر لقوات الكيان، والدعم السياسي لحكومة العدوان في تل أبيب، دعم غير محدود على كل الأصعدة بما فيها إبطال وتمييع قرارات مجلس الأمن الدولي.
وأحد أهم الأسباب التي تقف وراء موقف الإدارة الأمريكية هو أن هزيمة الكيان الصهيوني الإسرائيلي تمثل خسارة للمشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، ومع أن أي إدانة لحكومة الكيان الإسرائيلي هي أيضًا بمثابة الإدانة للإدارة الأمريكية، كان من المفترض رفع دعوى مباشرة ضد إدارة بايدن لأنها منحازة بشكل أعمى لجانب الكيان وداعمة لجرائمه الوحشية وعدوانه الهمجي على الشعب الفلسطيني.
ففي سياق جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية الممنهجة التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في غزة وعموم الأراضي المحتلة، بات يقينًا وبما لا يدع مجالا للشك أن الإدارة الأمريكية هي الطرف الفاعل والداعم المباشر لهذا العدوان الهمجي، وذلك عبر رفضها وقف العدوان بفعل استخدام الفيتو بمجلس الأمن، وإصرارها على اعتبار العدوان الإسرائيلي دفاعًا عن النفس، خلافًا لمقاصد وروح المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وإنكار الاعتراف بتوصيف منظمات حقوقية دولية ومحكمة العدل الدولية للجرائم الإسرائيلية بأنها جرائم إبادة وتطهير عرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية… ناهيك عن تزويد الكيان الإسرائيلي بلا حدود بكل مكونات القوة العسكرية والسياسية والمالية، وإعطاء ضوء أخضر لقوات الاحتلال الإسرائيلي للمضي قدمًا في مخطط تدمير مدينة رفح الفلسطينية بغية تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة وتشريده خارج وطنه في انتهاك صارخ لاتفاقية جنيف والعهود الدولية لحقوق الإنسان، بالمخالفة لنصوص القانون الدولي.