مقالات الرأي

جمهوريات.. ممالك أم قبائل؟ (ظواهر وليس شمولًا)

بقلم/ فتح الله سلطان

ما يقوم به الأشقاء العرب اليوم من خيانة وعمالة وتآمر إلى حد الخيانة العظمى وتخاذلهم عن نصرة أهل غزة العزة المحاصرة لقرابة السنة، بأنه ليس بجديد على حكام عرب!! فالتاريخ العربي القديم مليء بالتخاذل، فكم من إمارة ومدينة وقبيلة تم احتلالها ودمارها وقتل وتشريد وتنكيل أهلها جراء تآمر وتواطؤ أولئك الخونة لتمكين العدو من أهلهم

هل كان حال العرب كما هم عليه الآن من الذل والهوان، أم أن حالهم كان أفضل في سالف الزمان، أم أن شيئًا ما حصل أوصلهم إلى هذا الحال من الخيانة والعمالة والتبعية والإذلال؟

أسئلة حائرة تنتظر الإجابة! ولكن من أين البداية للوصول إلى النهاية؟ فهل البداية من العصر الجاهلي حيث القبائل العربية تتقاتل وتتناحر على بئر ماء أو قطعة أرض خضراء أو جرداء أو ماشية أو ثأر أو مدح أو رثاء؟

هكذا كان حال عرب الجزيرة قبل الإسلام، مزاجهم يراوح بين العصبية والغزو والتشرذم والاقتتال، ولما بُعِثَ النبي محمد صلى الله عليه وسلم وجاء بالرسالة المحمدية، استطاع أن يوحد العرب تحت راية الإسلام ودين التوحيد وتهدئة النفوس وتوحيد القبائل المتناحرة وصهرهم في مكونين هما المهاجرون والأنصار، أي قبائل مكة وقبائل المدينة حيث كانت البداية.

وبعد وفاة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وفي بداية خلافة أول الخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق رضي الله عنه بدأ الخلاف يتبلور من تحت الرماد ليشتعل تدريجيًا، ظاهره ديني وباطنه قبلي، وهكذا استمر الخلاف واشتد وازداد! والنتيجة كان اغتيال ثلاثة من أصل أربعة خلفاء راشدين! وحروب واقتتال بين المسلمين وإقصاءات تحت مسميات دينية عقائدية ولائية مختلفة، يؤجج نارها تعصب قبلي متطرف، توج بالخلاف الكبير الذي بدأ يدب بين العرب المسلمين خاصة بعد اغتيال الخليفة الأموي عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث استمر الخلاف أثناء وبعد خلافة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكانت نهاية الاختلاف التحكيم وما أدراك ما التحكيم! الخديعة الكبرى الذي صارت بموجبه الغلبة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، حيث نتج عنه انتقال الحكم إلى بني أمية في الشام، هنا كانت نهاية الخلافة الراشدة، وأيضا بداية أول إمبراطورية عائلية في الإسلام، فالأمويون هم أول من استبدل الخلافة الراشدة بالحكم الملكي الوراثي، فكانت البداية في دمشق والنهاية في غرناطة الأندلسية، مرورًا بالعصر العباسي في بغداد وما تبعه من ممالك وجمهوريات وإمارات إلى يومنا هذا!!

وأكاد أجزم بأن ما يقوم به الأشقاء العرب اليوم من خيانة وعمالة وتآمر إلى حد الخيانة العظمى وتخاذلهم عن نصرة أهل غزة العزة المحاصرة لقرابة السنة، بأنه ليس بجديد على حكام عرب!! فقد سبق لأجداد العرب الأوائل فعل نفس السيناريو ولكن تحت مكونات العشائر والقبائل ومن يتزعمهم من العمد والمشايخ، فكم من إمارة ومدينة وقبيلة تم احتلالها ودمارها وقتل وتشريد وتنكيل أهلها جراء تآمر وتواطؤ أولئك الخونة لتمكين العدو من أهلهم.

الآن وبعد انقضاء عدة قرون على تآمر وعمالة البعض من السلف ما زال البعض من الخلف أي (الملوك والرؤساء والأمراء) يقومون بنفس الدور من الخيانة والعمالة والتجسس ولكن بأساليب وسيناريوهات متطورة تتمشى مع تطور العصر، ضد أهاليهم وأشقائهم من أهل غزة العزة خاصة وفلسطين عامة، لتمكين العدوان الصهيوني من أرض العرب، هذا العدو الذي دمر وبكل خسة وحقارة ما على الأرض من بشر وزرع وحجر، مزودًا بأحدث التقنيات الأمريكية والغربية، وحصار يومي خانق حتى لا يبقى أي خيار للمواطن الغزاوي سوى الموت أو التهجير القسري، فما أشبه اليوم بالأمس!!

خلاصة القول، اليوم دول متفرقة متناحرة من ممالك وجمهوريات وإمارات يحكمها ملوك ورؤساء وأمراء تجذرت الخيانة في نفوسهم وضمائرهم، فالخيانة والعمالة تجري في عروقهم مجرى الدم “وعلى عينك يا تاجر” بلا خجل ولا حياء، جل هؤلاء الحكام تم تمكينهم من الحكم بشروط وتعهدات مسبقة أُمْلِيت عليهم بواسطة الماسونية الصهيونية العالمية لتحييد وتخدير شعوبهم، إما ترغيبًا أو ترهيبًا لتغييبهم عما يحصل لأهاليهم في غزة العزة وتمكين الصهاينة نيابة عن الماسونية من احتلال غزة وتفريغها من أهلها الأصليين من المسلمين والنصارى، وهذه الخطوة يليها ما يليها من خطوات، ليس بأقلها ضفاف النيل وضفاف دجلة، ولن تكون يثرب الأمس مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم بعيدة عن مبتغاهم.. وإلى ذلك الوقت لك الله يا غزة، ونوم العوافي يا شعوبنا العربية.

زر الذهاب إلى الأعلى