مقالات الرأي

الفضاء الأزرق.. يلتهم المشاعر!

 بقلم/ ناجية الصغير عبد الله

الجميع في معمعة الفراغ يبحث عن متنفس حتى لا يختنق بين جدران يخيل إليه أنها صارت باهتة، ليس لقدمها، ولكن لأنها تصنف لديه تحت قائمة الروتين، وهذا الأخير صار الجميع يعتبره غولًا يهرب منه بشتى الوسائل ومختلف الطرق.

الهرب من غول إلى غول آخر يعد كارثة، خاصة إذا كان الذي تفر إليه يجيد التنكر ويهوى الالتفاف، وغول الشبكة العنكبوتية يلتهم الجميع بمحض إرادتهم، يتلاعب بهم وبوقتهم، ينسج خيوطه حولهم كفريسة وقعت ولا مغيث، يستهلك الساعات ويحتضن الضحية هاتفه ليل نهار في حالة من الشتات العاطفي والفراغ الفكري باحثًا عن شيء يخفف عليه رتابة الوقت، ولكن لكل تطوير ضريبة، ولكل عولمة ثمنها، ولكن الثمن الاجتماعي باهظ للغاية، ومكلف حتى النخاع، فلم يعد البيت بيتًا ولا العائلة عائلة ولا المجتمع مجتمعًا حتى، فلا خصوصية لعائلة تحترم، ولا دواخل لبيوت تسلم، فكل الممنوع معروض، وكل المعروض طلقات قاتلة، لم يعد الأب أبًا ولا الأم أمًّا، اختلت موازين الأُسر وبات البيت المقفل ظاهرًا مستباحًا باطنًا ببنادق جوالة صغيرة الحجم كبيرة المصائب، وكلها تحت مسمى العولمة والتقنية ومواكبة العصر تجد رخصتها والكثير فليس هناك من يعترض على شراء هاتف لطفل صغير يعبث بلا توجيه ويتطاول على عمره بلا أدب يغتال طفولته دون وعي ويخسر تفاصيلها العفوية بلا تردد. الفضاء الأزق احتل البيوت بعد أن استعمر العقول والقلوب وتسلم مفاتيح الوقت دون رقيب!

زر الذهاب إلى الأعلى