مقالات الرأي

تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية

بقلم/ عدنان الجوهري

تُتيح منصات التواصل الاجتماعي للمستخدمين مُقارنة أنفسهم بالآخرين، ممّا قد يُؤدِّي إلى شعورٍ بالدُّونية وفقدان الثقة بالنفس. خاصَّةً مع انتشار صور الحياة المثالية المُبالغ فيها التي غالبًا ما يشاركها بعض الأشخاص

تأتي منصات التواصل الاجتماعي بمميزات وفوائد كثيرة، وتعتبر علامة فارقة من علامات التقدم البشري، إلا أنها تجلب معها عددًا من المخاطر التي يجب التوقف عندها وتحليلها.

المحاور التالية موجهة بشكل خاص للشباب وطلبة الجامعات. ويؤثر استخدام منصات التواصل الاجتماعي على التعلم والذاكرة والقدرات الإدراكية، فهي تُعزِّز طبيعة منصات التواصل الاجتماعي سريعة الخطى والمتغيرة باستمرار التَّصفح السَّطحيِّ للمعلومات، ممَّا يُعيق تنمية قدرة التركيز العميق. ويُؤدِّي ذلك إلى صعوبة استيعاب المعلومات المُعقدة وتخزينها في الذاكرة على المدى الطويل.

كثرة المعلومات قد تؤدي إلى ما يعرف “بالعبء المعرفي” Cognitive Overload والذي يعجز الدماغ إثره عن معالجة المعلومات بشكل جيد، وتُشجِّع مقاطع الفيديو القصيرة على المعالجة السّطحية للمعلومات، ممّا قد يُؤدّي إلى فهمٍ غير مُتعمّقٍ للمفاهيم المُعقدة. ويُؤثّر ذلك سلبًا على قدرة الدّماغ على تكوين الروابط القوية بين المعلومات، ممّا يُعيق عمليّة تخزينها في الذاكرة، وقد تُؤدّي كثرة مقاطع الفيديو القصيرة إلى حدوث ظاهرة “التداخل في الذاكرة”. فكلُّ مقطع جديد يُعيق قدرة الدّماغ على تذكر محتوى المقطع السّابق، ممّا يُصعّب عمليّة توحيد المعلومات. وتُشير الدّراسات إلى أنّ تأثير “التداخل النّشط” هذا يكون أقوى بشكلٍ خاصّ مع المحتوى المُقدّم في صيغة الفيديوهات القصيرة.

وتُحفّز منصات التواصل الاجتماعي إفراز الدّوبامين في الدّماغ، وهو النّاقل العصبيّ المُرتبط بالمُكافأة والمتعة. ويحدث ذلك عند تلقي الإعجابات والتعليقات والمُحتوى الجديد. ممّا قد يُؤدّي إلى سلوكيات إدمانية ودفع المستخدمين إلى قضاء المزيد من الوقت على هذه المنصات.

وقد تُؤدّي المقارنات الاجتماعية المُستمرّة مع الآخرين على منصات التواصل الاجتماعي إلى شعورٍ بالدّونية وفقدان الثقة بالنفس. ممّا قد يُؤدّي إلى انخفاض الدّافعية الذاتية للمستخدمين وتراجع رغبتهم في تحقيق أهدافهم، كما تُعزّز منصات التواصل الاجتماعي الاعتماد على المُكافآت الخارجية، مثل الإعجابات والتعليقات، كدافعٍ للسّلوك. ممّا قد يُؤدّي إلى إهمال المُكافآت الداخلية، مثل شعور الإنجاز والرضا الشخصيّ، ممّا قد يُؤثّر سلبًا على الدّافعية على المدى الطويل.

وتُتيح منصات التواصل الاجتماعي للمستخدمين مُقارنة أنفسهم بالآخرين، ممّا قد يُؤدّي إلى شعورٍ بالدّونية وفقدان الثقة بالنفس. خاصّةً مع انتشار صور الحياة المثالية المُبالغ فيها التي غالبًا ما يشاركها بعض الأشخاص، وعلى الرغم من أنّ منصات التواصل الاجتماعي تُتيح التواصل مع الآخرين، إلّا أنّها قد تُؤدّي إلى شعورٍ بالوحدة والعزلة. خاصّةً عند استخدامها بشكلٍ مُفرطٍ كبديلٍ للتّواصل الحقيقي مع الآخرين، كما قد تُؤدّي المخاوف المُتعلّقة بالصورة الذاتية والمقارنات الاجتماعية إلى أعراض القلق والاكتئاب. خاصّةً عند مُقارنة الإنجازات الشخصية مع الإنجازات المُبالغ فيها التي غالبًا ما يشاركها بعض الأشخاص على منصات التواصل الاجتماعي.

وهناك عدة طرق لكيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، منها تحديد فترات راحة منتظمة طوال اليوم للابتعاد عن الشاشات والانخراط في أنشطة مختلفة، في تعاطي الحرية في عدم متابعة الصفحات غير المرغوب فيها واتباع الحسابات التي تفيدك وتعلمك وترفع معنوياتك، والانخراط في الأنشطة التي تجلب لك الفرح وتوصلك بأشخاص متشابهين في التفكير خارج عالم الإنترنت، ولتجنب السلبيات لا بد من إعطاء الأولوية للأنشطة التي تعزز الاسترخاء وتقليل التوتر، مثل ممارسة الرياضة أو التأمل أو قضاء الوقت في الطبيعة، وعلينا أن نتذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن تكون أداة لتحسين حياتنا، وليس للتحكم فيها.

زر الذهاب إلى الأعلى