مقالات الرأي

اغتيال هنية فصل جديد من مسلسل الإرهاب الإسرائيلي

بقلم/ محمد علوش

سياسة الاغتيالات الإسرائيلية لن تجدي نفعًا في كسر إرادة شعبنا لنيل حقوقه الوطنيَّة في الحرية والاستقلال، واستمرار الاحتلال في ملاحقة وتصفية المناضلين والمقاومين لم تزد يومًا الشعب الفلسطيني إلا إصرارًا على مواصلة النضال من أجل الحرية والكرامة وتقرير المصير وإسقاط كل منظومة الاحتلال والتمييز العنصري والاستعمار الاستيطاني الفاشي، وعلى الاحتلال أن يستخلص الدروس والعبر، فكل عمليات القتل والتدمير والتهجير والإرهاب والتجويع لم توقف النضال ولم تخضع الفلسطينيين لإرادة وأوهام الاحتلال

جريمة اغتيال مكتملة الأوصاف بوصفة إسرائيلية أمريكية استهدفت القيادي الفلسطيني إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أثناء تواجده في طهران، بعد وقت قليل من مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، وهذه الجريمة النوعية والمدبرة تشكل تطورًا خطيرًا في مستوى الاستهداف، وتمثل فصلًا جديدًا من فصول الإرهاب الإسرائيلي المتواصل بحق شعبنا الفلسطيني، في إطار جريمة الحرب والإبادة الجماعية المستمرة على مدار أكثر من ثلاثمائة يوم متواصلة.

هذه الجريمة التي نفذتها يد الغدر الصهيونية بقرار سياسي من حكومة الاحتلال وبمتابعة شخصية من نتنياهو، تأتي كدليل دامغ على الاستراتيجية الاحتلالية العدوانية التي تسعى إلى تكريس إرهاب الدولة المنظم، لخدمة الأهداف السياسية للائتلاف اليميني الفاشي والمتطرف في حكومة الاحتلال، المتعطش للدماء، والذي يجسد الإرهاب في أبشع صوره، حيث تمت جريمة الاغتيال السياسية والموصوفة ومكتملة الأركان في هذا الإطار وضمن المخطط الإسرائيلي الذي يسعى إلى فرض معادلة جديدة ومزيد من التعقيد والتصعيد ومحاولة الهروب إلى الأمام في ظل الفشل الذي مني به جيش الاحتلال والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر الماضي، وهذه الجريمة وبدون شك قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وتم تنفيذها في إطار الشراكة الأمريكية الإسرائيلية، حيث جاءت مباشرة بعد ساعات قليلة من جريمة مماثلة قام بها الاحتلال في “الضاحية الجنوبية” للعاصمة اللبنانية بيروت، التي استهدفت القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر.

إن هذه الجريمة الكبيرة مثلت خطوة خطيرة في مسار عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية والسياسية وتطويرًا خطيرًا يستهدف تفجير الأوضاع في عموم المنطقة، واتساعًا لمساحة العدوان وبنك الأهداف التي حددها مجلس حرب وحكومة الاحتلال للنيل من العديد من الأهداف، ومن خلال هذه الأعمال والجرائم فإن إسرائيل تواصل انتهاكاتها لسيادة دول المنطقة والاستمرار في إرهاب الدولة المنظم وجرائم الإبادة الجماعية ضد شعبنا، وهو ما يؤكد إصرارها على فرض الهيمنة على المنطقة بواسطة الإرهاب والقوة الغاشمة، في مخالفة لكافة القوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية.

إن عملية الاغتيال بهذه الطريقة وبهذا التوقيت بالذات يؤكد تعطش الاحتلال ونتنياهو وحلفائه في اليمين المتطرف للدماء والقتل بدم بالرد، ونتنياهو لا يرغب في التنحي عن قول الأكاذيب، بل إنه يذهب بعيدًا نحو إشعال المزيد من الحرائق وتأجيج الصراع ليدفع بمجريات الأحداث على مستوى المنطقة برمتها إلى الاشتعال.

ومجرم الحرب نتنياهو ومنذ أن ألقى خطابه الاستعراضي والاستعلائي والمخادع أمام الكونغرس الأمريكي، وهو ينتهج الكذب والتضليل ويبيع الوهم للعالم في محاولة مكشوفة ليتوج نفسه بطلًا مخلصًا للإنسانية من إرهاب المقاومة الفلسطينية التي تقتل النساء والأطفال كما يدعي ويكذب، وينسى مع الكونغرس والإدارة الأمريكية أن دولته وجيشه يرتكبان جريمة حرب وإبادة جماعية بحق شعب أعزل.

عملية الاغتيال الآثمة والجبانة التي تقوم بها إسرائيل بحق رمز من رموز المقاومة لن تثني شعبنا عن استمرار المقاومة لوضع حد للإجرام الإسرائيلي الذي تجاوز كل الحدود، ولن تثني شعبنا عن حقه في المقاومة من أجل نيل الحقوق الوطنية، وسيستمر نضال الشعب الفلسطيني، دون أي تردد ودون أي تراجع، ولا أمن ولا سلام ولا استقرار، في كل المنطقة ما لم ينعم شعبنا بحريته واستقلاله الوطني الناجز.

إن مثل هذه الجرائم على شعبنا وبدعم وشراكة أمريكية، يدعونا أكثر إلى المضي بشكل جدي ومسؤول لتوحيد الصفوف وإنهاء الانقسام وشحذ الهمم واستعادة الوحدة الوطنية، ونحن على ثقة تامة بأن المستقبل لشعبنا وقضيته وحريته، وسيذهب المحتلون والدخلاء وأعوانهم إلى مزابل التاريخ.

إنَّ سياسة الاغتيالات الإسرائيلية لن تجدي نفعًا في كسر إرادة شعبنا لنيل حقوقه الوطنيَّة في الحرية والاستقلال، واستمرار الاحتلال في ملاحقة وتصفية المناضلين والمقاومين لم تزد يومًا الشعب الفلسطيني إلا إصرارًا على مواصلة النضال من أجل الحرية والكرامة وتقرير المصير وإسقاط كل منظومة الاحتلال والتمييز العنصري والاستعمار الاستيطاني الفاشي، وعلى الاحتلال أن يستخلص الدروس والعبر، فكل عمليات القتل والتدمير والتهجير والإرهاب والتجويع لم توقف النضال ولم تخضع الفلسطينيين لإرادة وأوهام الاحتلال، بل تزيد من عناد الفلسطيني وتمسكه بالحقوق والثوابت والاستمرار على درب النضال المخضب بدماء الشهداء الذين ينيرون لشعبنا طريقه نحو الحرية والاستقلال وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.

زر الذهاب إلى الأعلى