مقالات الرأي

مشاعر مقاتلة.. ودموع زنديق

بقلم/ عفاف الفرجاني

لعبت التنظيمات الإرهابية في ليبيا دورًا كبيرًا في إسقاط النظام عام 2011، نسفت الديمقراطية الجماهيرية، وقوضت أرضية السياسة النزيهة، وأغلقت مؤسسات الدولة بوجه الشعب ليستوطنها هجين من المجرمين والمتطرفين وأقزام الفكر والأفاقين، إلا أن أخطرهم الإسلاميون الذين مُنحت لهم منطقة خصبة للغاية ليتم رسم خريطة جديدة لليبيا تتماشى مع طموحاتهم السياسية للسيطرة على المنطقة وليس ليبيا فقط، وأصبحت هذه الجماعات المسيطر الأول على مفاصل الدولة، حيث أدلجت كل المؤسسات، وأولها مناهج التدريس وخطابات الأئمة، وقامت بانتزاع حق الفرد في المبادرات الهادفة وتحجيم دور المثقفين وسجن أصحاب الفكر.

التنظيمات الإسلامية التي دخلت ليبيا في حقبة ما تعرف بالثورة يعتقد الجميع أنها قد قضي عليها من خلال الحرب على الإرهاب والذي بدأ من المنطقة الشرقية وجنوب البلاد بفعل ثورة الكرامة التي واجهت ما يعرف بأنصار الشريعة، وتم القضاء عليهم وتحررت المنطقة بأسرها، وأيضًا دواعش سرت الذين عاثوا في المدينة شرًّا وكفرًا، إلا أن هذه ليست بالحقيقة، فالكثير من هؤلاء فروا إلى العاصمة طرابلس والمناطق التي تقع في حدودها.

زهاء العقد من الزمن كفيل بانخراط هؤلاء الفارين بالمجتمع السياسي والاجتماعي، هم اليوم بأشكال وهيئات مختلفة، يتكيفون مع الواقع المعاش ظاهريًّا لتمرير منهجيتهم التكفيرية، يتلونون حسب الظروف، يلبسون (الجينز) ويرتدون ربطات العنق ويحتسون( المكياطه) ويتناولون (البريوش) ويظهرون على القنوات الفضائية، يبثون سمومهم بما طاب من ريقهم النتن، من خلال خطة بديلة، بعد حصولهم على المال وتغلغلهم في الحكومات ومؤسسات الدولة وتربعهم على أهم كيانات حيوية في البلاد من أهمها المجلس الأعلى للدولة ووزارات سيادية في الحكومة بالإضافة إلى مؤسسات النفط ودار الإفتاء، حتى في قطاع التلفزيون سيطروا عليه وبتكتيك عصري مقنع، بتعاون مع من يشتغلون في فلكهم..

الخطة البديلة تكمن في تلميع بعض الشخصيات الإسلامية وقادة بعض التنظيمات الإرهابية من خلال خطة الإعلام الناعم.

في غياب إعلام وطني سيتمكن هؤلاء من جيل كامل من الشباب، لو لم يستفق إعلامنا الوطني الحر في الخارج وفي المناطق المحررة في الداخل للتصدي، هم اختاروا اليوم السوشيال ميديا والإعلام لاستقطاب المؤيدين لهذا المشروع التخريبي وكسب تعاطف الجماهير على أنهم المتسامحون، وهم الذين كفروا بالإنسانية، أفعالهم تشهد عليهم من كهوف أفغانستان إلى قتلهم المدنيين إلى سجون جوانتانامو إلى ليبيا الغد إلى أحداث فبراير إلى تقتيلهم الليبيين إلى ظهورهم الناعم اليوم، كل هذه المعطيات تجعلنا نقف أمام حقيقة واحدة أن الإرهاب لم ينتهِ في ليبيا، بل استقوى ونضج حتى أصبح مصلحًا متسامحًا وعطوفًا، أما نحن فلا نلدغ من الجحر مرتين، فماذا عنكم أنتم!؟

زر الذهاب إلى الأعلى