إضاءات حول المسؤولية الطبية (1) وفقا لأحكام القانون رقم 17 لسنة 1986م
بقلم/ أسماء الفسي
لا شك وكما نعرف جميعًا أن مهنة الطب من المهن الإنسانية والأخلاقية قبل كل شيء، ويقوم أساسها على مقصود عظيم وهو حفظ النفس وخدمة المرضى والتخفيف من معاناتهم، كما أن من مقصدها الوصول إلى نتيجة ألا وهي تحقيق الشفاء، وهذان المقصدان بكل تأكيد لا يختلف عليهما اثنان في أهميتهما وأهمية هذه المهنة الإنسانية ونبل القائمين عليها والمشتغلين بها دونما اعتبار لجنسيتهم أو ديانتهم وفلسفتهم في الحياة الإنسانية.
ولا شك أن للطب والأطباء دورا بارزا في حفظ الصحة البشرية وعلاجها من الألم. ولما كان تدخل الطبيب في جسم الإنسان غالبا ما يتطلب مساسا بسلامته الجسدية كحالة الجراحة أو التشريح، فإن ثمة إشكالية قائمة حول مضمون ونطاق العمل الطبي، وقد شغل مفهوم العمل الطبي تفكير العديد من الباحثين من فقهاء وأطباء، من كل الزوايا. وكل زاوية تسعى إلى ضم هذا المفهوم إلى نطاقها والتأثير عليه، حيث اختلفت زوايا النظر إليه: إنسانيا، أخلاقيا، طبيا وقانونيا، هذا المفهوم إلى نطاقها والتأثير عليه بخصائصها. فمن الجانب الإنساني والأخلاقي تطفو إلى السطح ضرورات احترام الكيان البشري والمعاملة الحسنة. وعلى الصعيد الطبي، يسعى الأطباء إلى بيان كل مراحل العمل الطبي وإظهارها بحيث لا تهمل مرحلة على حساب أخرى، والسعي لتضمين التطورات الطبية المعاصرة في نطاقه.. غير أنه يتعين علينا التعرف على ماهية العمل الطبي الذي هو ركن من أركان المسؤولية الطبية.
إن أشهر تعريف للعمل الطبي ذلك الذي وضعه العميد (Savatier)، الذي جاء فيه، أن العمل الطبي هو «العمل الذي يقوم به شخص مؤهل من أجل شفاء الغير، وعرفه آخر بأنه «ذلك النشاط الذي يتفق في كيفية وظروف مباشرته مع القواعد المقررة في علم الطب، ويتجه في ذاته -أي وفق المجرى العادي للأمور- إلى شفاء المريض والأصل في العمل الطبي أن يكون علاجيا، أي يستهدف التخلص من المرض أو تخفيف حدته، أو مجرد تخفيف آلامه، ولكن يعد كذلك من قبيل الأعمال الطبية ما يستهدف الكشف عن أسباب الصحة أو مجرد الوقاية من المرض.
ـ ثانيا مراحل العمل الطبي ويتضح لنا مما ذكر من خلال تعريفات العمل الطبي أن العمل الطبي بات مفهوما واسعا ويشمل عدة عناصر، هذه العناصر ليست في الحقيقة سوى المراحل التي يتكون منها، ويمتد نطاقه العملي والزمني عليها. فقد بينت التجارب المستسقاة من خلال الأحكام القضائية أن أخطاء الأطباء تعددت وتشعبت، وامتدت منطوية على كل صنوف الأعمال الطبية، من تشخيص وعلاج ومتابعة ومراقبة للمرضى. وإذا كانت التعريفات السابقة للعمل الطبي تركز على العلاج كونه «الوسيلة التي تؤدي إلى الشفاء من المرض أو الحد من أخطاره أو التخفيف من آلامه الناتجة عنه بتسكينها فهو بذلك يكون أبرز عنصر من عناصر العمل الطبي
إذن فمراحل العمل الطبي يتلخص في:
ـ الفحص الطبي ـ التشخيص ـ العلاج ـ مرحلة تنفيذ العلاج.