دعوة للنهوض
بقلم/ عبد الهادي شماطة
لا يختلف عاقلان على أننا وصلنا ببلادنا إلى الهاوية، وأننا افتقدنا القرار الوطني، وأن شعبنا صار يعاني ليس الفقر بل الجوع المدقع والحاجة والعوز وانعدام الأمن والأمان، خوف ورعب من المستقبل، ويأس من الحلول، فالطريق مظلم والهاوية التي قادتنا إليها الأحداث سحيقة ومرعبة، وصار أمرنا بيد غيرنا سفهاء محليًّا ونازيين على المستوى الدولي.
هذا المشهد المرعب لا يجب أن يقودنا إلى اليأس والإحباط، وأن ينزوي الوطنيون والشرفاء، وأن يستسلموا للسفهاء محليًّا أو أن يخشوا النازية الدولية، بل يجب أن يضاعفوا الجهد وأن ينتظموا وأن يتجاوزوا صغائر الأمور والبحث عن توافه الأشياء، فلا بد أن يكون لهم موقف وطني يسعى إلى إنقاذ الوطن ووضع أسس للتعايش ودستور نتحاكم إليه في حراكنا لمصلحة الوطن، فلا بد أن يكون حوارنا وخلافنا الناعم ضمن دائرة الفكر والحراك السياسي والسعي إلى تعظيم أرباح الوطن وليس أرباح جيوبنا ومصالحنا الشخصية.
تابعت باهتمام لقاء جنيف منذ أيام لبعض من عملوا مع النظام السياسي خلال الحقبة الماضية، وسمعت بصوت أحدهم ما تضمنه اللقاء من نقاط وتطلعات لمستقبل البلاد من ضرورة الحوار وعقد مؤتمر تأسيسي والتأكيد على حرية الليبيين في اختيار حكامهم ودعم الحراك السياسي ضمن الأحزاب والنشاط المدني والسعي إلى دولة القانون واعتبار الماضي ماضيًا ولن يعود بتفاصيله، والحرص الشديد الذي نشاركهم فيه بضرورة التخلص من التدخل الأجنبي ببلادنا.. حقيقة لو أن النظام السابق أخذ بآراء هؤلاء لما تم التغرير بالناس ضده أبدًا، ولما أتيح للقوى النازية الدولية أن تجد مبررات لتتواجد بأرضنا.
أقول إن ما تفضل به الإخوة بجنيف كلام ممتاز، وهو يعبر عن روح وطنية ندعمها لنقف معًا دون وطننا ولنتجاوز الماضي ذمًّا ومدحًا، فلن يستفيد وطننا من تقييم الماضي إلا أن يتم دون حقد وملاعنة لنتجنب أخطاءه ونتمسك بإيجابياته.. وقد تابعت جناحًا آخر من أنصار النظام السابق يتهجم على لقاء جنيف وهؤلاء مشروعهم عدمي لا يقيم للوطن وزنًا ويرون أنهم سيرثون الليبيين كقطيع وسينتقمون من كل مخالفيهم، فهم أصوت لا قيمة لها، ولن تنجح إلا في إثارة الفتن التي سيتصدى لها الجميع.
إن ما أعلن عنه إخوتنا في جنيف يجب الاصطفاف حوله والبناء عليه لإنقاذ وطننا ومستقبل أبنائنا.