حقوق المؤلف والحقوق المجاورة

بقلم/ أسماء الفسي

أثارت ولا تزال تثير حقوق المؤلف جدلًا قانونيًّا بين الفقهاء، باعتبار أن هذا الحق يحتوي على عنصرين لأول وهلة يبدوان متعارضين، وهما الحق المالي للمؤلف والحق الأدبي، حيث اعتبر بعض الفقهاء أن حق المؤلف من الحقوق الشخصية، بينما ذهب البعض الآخر إلى اعتباره حق ملكية، بينما ذهب فريق ثالث إلى اعتباره ذا طبيعة مختلطة.

ـ النظرية الأولى.. حق المؤلف من الحقوق الشخصية.

حيث اعتبر أنصار هذه النظرية من الفقهاء أن المصنف الأدبي للمؤلف يعتبر جزءًا لا يتجزأ من شخصية المؤلف ولا ينفصل عنه باعتبار أن المؤلف أو المصنف الأدبي هو مصنف ذهني، ولا يمكن اعتباره من الأموال، أي من صنيع الأفكار الإبداعية للمؤلف الذي يعبر عنها بالطريقة والأسلوب الذي يراه، ومن ثم فإن هذه الأفكار تتصل اتصالًا وثيقًا بشخص المؤلف، ومن ثم تتوفر لها ذات الحرمة والحماية التي يقررها القانون لشخص المؤلف بخصوص حماية كيانه المادي والأدبي، غير أن هذه النظرية قد لاقت العديد من الانتقادات من العديد من الفقهاء بالقول بأن الأخذ بهذه النظرية أدى إلى اعتبار حق المؤلف جزءًا لا يتجزأ من شخصية صاحب المؤلف، وبالتالي فهو حق لا يقبل الحوالة أو الحجز عليه باعتباره مرتبطًا بالكيان المادي والأدبي للمؤلف.. كما أن هذه النظرية قد تجاهلت الجانب المادي أو المالي في هذا الحق، غير أن هذه النتائج ذهب بعض الفقهاء إلى القول بعدم القبول بها بحجة أن الفقه والقضاء قد استقرا على القول بأن للمؤلف أن يتقاضى مقابلًا في مقابل ما يعود على الغير من فائدة نتيجة استغلال هذا الحق أو الاستفادة منه بأي طريقة من الطرق، وبالتالي بصحة حوالة العنصر المالي من حق المؤلف.

ـ النظرية الثانية.. اعتبار حق المؤلف حق ملكية

حيث اعتبر أنصار هذه النظرية أن حق المؤلف ليس إلا حق ملكية له نفس خصائص هذا الحق الأخير، سواء من حيث القدرة على استعماله أو استغلاله أو التصرف فيه.. حيث استهدف أصحاب هذه النظرية تحقيق ذات الحماية والاحترام المقررين لحق الملكية لذلك الحق الجديد وهو حق المؤلف.. غير أنه ذهب البعض من أنصار هذه النظرية إلى أنه وبالنظر إلى اختلاف طبيعة حق المؤلف عن الطبيعة المادية للأشياء التي تعد محلًا لحق الملكية التقليدي، حيث ذهب البعض إلى أن ملكية حق المؤلف ملكية خاصة تتطلب تنظيمًا خاصًّا يختلف عن التنظيم القانوني الذي أولاه المشرع لحق الملكية التقليدي، وكما انتقدت النظرية الأولى فقد تم توجيه انتقادات إلى هذه النظرية بقولهم إن وصف حق المؤلف بالملكية الأدبية هو وصف وارد على سبيل المجاز، فالملكية ترد بحسب الأصل على الأشياء المادية، فإذا كان من المقبول القول به على العنصر المالي لحق المؤلف فليس من الجائز القبول به فيما يتعلق بالحق الأدبي له.

وأخيرًا.. خصائص الحق الأدبي.. حيث ينشأ الحق الأدبي بعد نشر المصنف أو المؤلف لأن المصنف قبل نشره يكون ممتزجًا بشخصية المؤلف فكريًّا وذهنيًّا لا يمكن فصله عنها، فمن خصائص الحق الأدبي.

ـ عدم قابلية الحق الأدبي في التصرف فيه

ـ عدم قابلية الحق الأدبي بالتقادم

ـ عدم قابلية الحق الأدبي للحجز عليه

ـ عدم قابلية الجانب الإيجابي من الحق الأدبي للانتقال إلى الورثة.. ولنا لقاء آخر في مقالات أخرى حول الملكية الفكرية في أوقات لاحقة لكونه موضوعًا يحتاج منا إلى العديد والعديد من البحث والاستقراء.. ولنا لقاء قريب مع سلسلة أخرى بإذن الله.