جريمة الحرب مستمرة.. متى يتحرك العرب؟!!
بقلم/ محمد علوش
عنوان جانبي / يقف النظام الرسمي العربي عاجزًا عن تنفيذ قرارات القمة العربية الأخيرة التي لم يجف حبرها بعد، وعن اتخاذ أي موقف، وانخراط البعض منها في مشاريع بعضها لخلق أطر بديلة أو موازية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومحاولات الوصاية البائسة والنيل من القرار الفلسطيني المستقل، والبعض الآخر لتكريس فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية
ما زالت حكومة الكيان ماضية في حربها التدميرية وإبادتها الجماعية ضد شعب فلسطين الأعزل في قطاع غزة الذي بات مسرحًا مستباحًا للجريمة الاحتلالية المتواصلة التي تمارس إسرائيل من خلالها جريمة الإرهاب المنظم بحق المدنيين العزل وممتلكاتهم وبيوتهم ومزارعهم ومصانعهم وما تبقى من خيامهم وأحلامهم، وهم في حالة نزوح مستمرة، من النزوح إلى النزوح، أمام صمت عربي دولي مريب، والصمت لا يمثل إلا موقفًا خانعًا ومتواطئًا وشريكًا للجريمة والعقاب الذي يتعرض له شعبنا.
ما يجري اليوم ليس مجرد حرب إسرائيلية للرد على ما قامت به المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر من العام الماضي تحت راية “طوفان الأقصى” بل تعدى عملية الرد والعقاب الجماعي ليكشف الحقيقة الماثلة أمام العالم بأن هناك جريمة حرب مكتملة الأركان تقوم بها قوات الاحتلال الأمريكية الإسرائيلية ومعها قوى الحرب الإمبريالية العدوانية التي حشدت كل قواتها الغازية لتستقوي على شعب الخيام في غزة، في حرب مسعورة لها أهداف استراتيجية وسياسية، فإسرائيل لم يكن وجودها مهددًا كما روج المستعمرون القدامى والجدد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، لتحشد كل هذه القوى الاحتلالية لتنفيذ حرب شاملة تستهدف ضرب القضية الفلسطينية بالتصفية وإعادة التقسيم وفرض الأجندات لمحاولة فصل غزة عن الضفة والقدس في إطار مخطط أمريكي إسرائيلي لتقويض المنجزات الوطنية الفلسطينية وقطع الطريق أمام إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس، والقضاء على أي قدرة للمقاومة على مواجهة إسرائيل، مع علمهم المطلق بأن المقاومة فكرة لا تموت، فهي ليست مجرد فصيل من الفصائل، بل تمثل إرادة شعب يريد الحرية والخلاص من آخر احتلال استعماري ما زال جاثمًا على الأرض الفلسطينية.
هذه الحرب، اللعنة التي ستطارد هؤلاء القتلة، قتلة الأطفال والنساء، هي وصمة عار على جبين هذا العالم الذي فشلت مؤسساته الدولية في الحفاظ على الأمن والسلام والاستقرار، والذي أعطى الذريعة لجيش الاحتلال لممارسة أبشع الجرائم وتنفيذ المجازر المروعة التي يتابعها العالم دون أن يخطو خطوات عملية وملموسة للجم هذه الحرب وتداعياتها ومخاطرها التي تغذيها قوى التطرف والعنصرية والفاشية الجديدة الصهيونية في إسرائيل – الكيان القائم بقوة الاحتلال.
وفي ظل هذه الظروف والتحديات المصيرية المحدقة بشعبنا وقضيتنا الوطنية، علينا بذل مزيد من الجهود لإفشال مخططات الاحتلال، وتعزيز الإرادة الوطنية في الاستجابة العاجلة لضرورات إنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وفق رؤية برنامجية وطنية جامعة، لتكون قادرة على توحيد مركز القرار الوطني، وإنهاء حالة التشتت والتشرذم، وتكريس القرار الوطني المستقل، وإغلاق الأبواب أمام كل مظاهر العبث بالمرجعية الوطنية، تحت أي عنوان كان، وإسقاط كل الأوهام الرامية إلى خلق بدائل أو أطر موازية، والحفاظ على منجزاتنا الوطنية التاريخية التي تحققت بالنضال والتضحيات وبالدماء عبر عقود طويلة من مسيرتنا الوطنية المجيدة.
كم من الوقت يحتاج الوزير الصهيوني الإرهابي “سيموترتيش” والعصابة الحاكمة في الكيان إلى ابتلاع الضفة الغربية بالكامل، وإنهاء الكيانية الفلسطينية؟ وكيف علينا الإعداد لمواجهة مخططات الضم وما يسمى حسم الصراع لصالح المشروع الصهيوني الاستعماري؟ وعلينا أن نكون أكثر دقة ووضوحًا في الموقف، فكل هذه السياسات والإجراءات المعادية والمستفزة تتم بالتوافق المفضوح مع الإدارة الأمريكية كشريك أساسي في جريمة الحرب والعدوان، وصمت البعض الأوروبي ومباركته، إن لم يكن مشاركته، في حين النظام الرسمي العربي يقف عاجزًا عن تنفيذ قرارات القمة العربية الأخيرة التي لم يجف حبرها بعد، ومضافًا عن العجز عن اتخاذ أي موقف، وانخراط البعض منها في مشاريع بعضها لخلق أطر بديلة أو موازية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومحاولات الوصاية البائسة والنيل من القرار الفلسطيني المستقل، والبعض الآخر لتكريس فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية والإعلان عن الانضمام لأية صيغة لما يسمى باليوم التالي لمستقبل قطاع غزة ليكون طرفًا فيها، بديلًا عن منظمة التحرير الفلسطينية وولايتها الجغرافية والسياسية على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران 1967 بما فيها القدس.
إن هذه الحرب كشفت حقائق كبيرة ومذهلة، كشفت من معنا ومن علينا، وأكدت دون تردد أن الشعب الفلسطيني بصموده الأسطوري وملاحم البطولة وبسالة المقاومين للاحتلال وشجاعتهم النادرة بإمكانيات قتالية متواضعة كانوا في طليعة الدفاع عن شرف ومستقبل المنطقة العربية ككل التي تتعرض لتهديدات حقيقية في ظل الأطماع الأمريكية والغربية والإسرائيلية، وهي ليست أسرارًا بالمناسبة، بل كل المخططات واضحة ومكشوفة ويتم الإعداد لمرحلة جديدة تستهدف السيطرة الكاملة على الوطن العربي الذي يقف اليوم عاجزًا عن أي موقف حازم وجاد تجاه المذبحة المستمرة ضد شعب فلسطين، فالتحديات كبيرة والمخططات معروفة والخطر داهم، فمتى تتحرك أنظمة وحكومات وأحزاب وشعوب العرب، ليس من أجلنا، بل من أجل العرب جميعًا.