نصر على الإرهاب وهزيمة الربيع العبري
بقلم/ ناصر سعيد
عودة العلاقات التركية السورية بات وشيكًا من خلال جهود بذلتها أطراف دبلوماسية أخذت سنوات من أجل رفع الحواجز وتذليل الصعوبات وتقريب المسافات بين أنقرة ودمشق، توجت بتصريحات الرئيس التركي منذ أيام عن استعداده التخلي عن المواقف العدائية التي مارسها خلال ما عرف بالربيع العربي والتي أضرت بالعلاقات الأخوية وحسن الجوار، وكانت سببًا في تقسيم سوريا، وفتحت الأبواب أمام الإرهاب الذي أضر بتركيا أيضًا والتدخلات الأجنبية التي استفادت من غياب الأمن الذي تسبب به التدخل التركي في الشمال السوري لخدمة مصالحه بالتواجد في مناطق النفط والغاز وضرب الوحدة السورية من خلال دعم التطلعات التقسيمية والتفتيتية التي لم تضر سوريا فقط، بل شكلت تهديدًا للعراق وتركيا فيما يتعلق بقضية الأقلية الكردية الطامحة لتحقيق حلمها في دولة كردية تضم شمال سوريا والعراق وجنوب تركيا، الأمر الذي شكل تهديدًا لوحدة هذه البلدان مجتمعة، وفهمت تركيا متأخرًا حجم الخطر الذي يشكله تواجد القوات الأمريكية والجماعات الإرهابية على أمنها وجغرافيتها واقتصادها، فأي تهديد لسوريا أو العراق سيجر مشكلات ومخاطر أمنية لجيرانهم ومنهم تركيا.
استقرار المنطقة وعودة السلام يتطلب تراجع تركيا عن طموحاتها وتوقفها عن دعم الجماعات الإرهابية وانسحابها من الشمال السوري وبناء علاقات تقوم على تبادل المنافع وتصفير المشاكل مع دول والجوار والإقليم.
خلال ثلاثة عشر عاما شكلت تركيا تهديدًا لجيرانها من خلال دعمها الجماعات الإرهابية التي تقاتل الجيش السوري والعراقي، وهيأت المناخات لتواجد هذه الجماعات في شمال وشمال شرق سوريا ودعمت الدعوات التقسيمية للدولة السورية، وفصلت مناطق في الشمال والشرق السوري عن الدولة السورية، ولم تلق بالمناشدات والمطالبات السورية والإقليمية بالتخلي عن سياساتها العدوانية التي ساهمت في الفوضى والإرهاب وضرب النسيج الوطني والذي انقلب عليها من خلال تنامي جماعات قومية هددت الأمن التركي أضرت بالأمن والاقتصاد التركي، وجب على تركيا حكومة وشعبًا التخلي عن ممارسة هذه السياسة التي لم تلحق الأذى بجيرانها، بل انقلب سحرها عليها، واحترقت أصابعها في مناطق الصراع التي صنعتها.
اليوم من المفيد أن تتخلى تركيا عن سياساتها والتنازل عن طموحاتها بقيام إمبراطوريتها في منطقة الشرق الأوسط، وبناء علاقات جديدة مع دول المنطقة تقوم على احترام سيادة الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها وسحب قواتها من سوريا والعراق وليبيا والتوقف عن دعمها للجماعات الإرهابية.
الاستقرار مصلحة تركيا أولًا بعد أن ثبت فشل سياسات الفوضى التي جربتها الحكومة التركية ولم تجنِ منها إلا الفشل والخسارة.
فتح صفحة جديدة من العلاقات التركية السورية نأمل أن يكون إيذانا بفتح صفحات أخرى مع بلدان أخرى في المنطقة قد تضررت من السياسات والتدخلات التركية، وندعوها إلى فتح صفحة جديدة من العلاقات مع ليبيا وكف يدها عن التدخل في شؤوننا الداخلية وسحب المرتزقة قواتها المتواجدة على أراضينا والتوقف عن دعم الجماعات المسلحة وإغلاق مكاتب الجماعات المتطرفة الإرهابية فوق أراضيها.