-

الأوقاف.. فتاوى وفتن

بقلم/ عفاف الفرجاني

ضمن الفوضى التي تعيشها ليبيا سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا، ندخل اليوم في تجاذبات مذهبية في دولة يشكل فيها الإسلام السني نسبة مئة بالمئة.

هيئة الأوقاف التابعة لحكومة الوصاية فاقدة الولاية، تصدر فتوى تكفيرية ضمنيًّا لأتباع المذهب الإباضي، الذي يشكل فيه المكون الأمازيغي في البلاد الأغلبية.

عقب سقوط الدولة 2011، ظهرت أصوات واجتهادات وتطرف وغلو في الدين والعقائد، فبعد أن كانت دولة إسلامية موحدة شريعتها القرآن الكريم لا مذاهب ولا فرق، وحده القرآن الكريم شريعة المجتمع، أصبحت دولة ينتعش فيها الخطاب المذهبي والخطاب السلفي والإخواني المتطرف المعادي والهدام.

العاصمة طرابلس بؤرة فتاوى الضلالة، غدت مكانًا لهذا النوع من الصراعات والمشاحنات المذهبية بأدوات وأقليات تملك القوة والسلاح أمثال السلفية المتمثلة في الردع (وحاشا السلف الصالح من هذا النموذج) وأيضًا تيارات إسلاموية سياسية أخرى على رأسها جماعة الإخوان المسلمين التي نصبت من نفسها إلهًا على الليبيين.

اليوم وبعد أن كانت الصراعات والمهاترات تقف على حافة الخلافات والتجاذبات الفكرية، نجدها اليوم تصل إلى حد التكفير، لتكون فتيلًا ينفجر داخل المؤسسة الدينية تحولها إلى شظايا مذاهب تنتثر هنا وهناك، هذه الفتنة التي أثارتها دار الإفتاء المرتهنة للزنادقة، جعلت أتباع المذهب الإباضي يطالبون بالاستقلال المذهبي والخروج من دائرة دار الإفتاء الليبية، وفتح دور إفتاء في البلديات الواقعة بالجبل الغربي.

ليبيا التي لم تتبع مذهبًا ولا فريقًا ولا حزبًا إسلاميًّا منذ عقود من الزمن، اليوم تعيش رهانات المذهبية والفتن لاستمرار سيناريو دمار الدولة بأدوات ليبية، فبيان دار الإفتاء، توافق عقب المواجهات المسلحة بين قوات تابعة للأمازيغ المسيطرون على المنفذ الغربي لليبيا مع الشقيقة تونس وقوات حكومة دبيبة (الداخلية) ودار إفتائه.. طرابلس منبع الفتوى السياسية تفتح نيران الفتن المذهبية بين أبناء الشعب الواحد، وهذا يعيدنا إلى المربع الأول للفتن والصراع المذهبي الذي سبق وأن نجحت الدولة في ضبط المؤسسة الدينية الأوقاف، بعيدًا عن الغلو والتطرف والإرهاب والزندقة والوصاية على الدين من مشايخ الدفع المسبق ومشايخ الفتن، وتشكلت مؤسسة دينية وسطية منضبطة بأسس وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.. والآن نعود إلى الردة المذهبية تلبية لمشروع إسلامي سياسي استعماري بحت، بفعل دكان الإفتاء والقائمين عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى