استغلال الفتيات وفساد السلطة
بقلم/ عفاف الفرجاني
ما يتم رصده طيلة العشرية الأخيرة من فضائح وجرائم أخلاقية من قِبل المسؤولين والشخصيات الاعتبارية في ليبيا تجاوز الجرائم الأخلاقية واستغلال القُصَّر المسجلة في النيابات، حتى أصبح هذا النموذج من الأخبار اعتياديُّا في الأوساط الليبية.
من خلال تقنيات مواقع التواصل الاجتماعي وتعدد أسمائها وسرعة توثيقها للحدث أصبحت الفضيحة حكرًا على المسؤول الليبي المتورط في سلوكيات لا أخلاقية، في تقديري الشخصي يرجع ذلك وقبل كل شيء إلى شخصية المسؤول نفسه وخلفيته الثقافية، فجزء كبير من متصدري المشهد السياسي أو الثقافي أو الدبلوماسي اليوم قادتهم الصدفة إلى هذه المناصب، والجزء الآخر نحر الرقاب ليكون فوق هذا الهرم، أخبار الفاحشة المنتشرة على السوشيل ميديا بالصور والفيديوهات والرسائل الصوتية ليست وليدة اليوم، بل تزامنت مع التقلبات السياسية التي شهدتها البلاد.
يظن البعض أن السوء في بطلات هذه القصص، إلا أن جوهر المشكلة بدأ بإكراه هؤلاء الفتيات على الانخراط في هذا المجال سيئ السمعة، بعد أن تم تجويع الشعب، وفتح باب الإغراءات المادية من قِبل من عرفن بالشخصيات المؤثرة (بلوجر) وتم استعمالهن في أعمال مشبوهة وملفات دنيئة حتى أصبحن متمرسات في استدراج الفتيات بطريقة غير مباشرة بغية الثراء السريع، وبالتالي أصبحن أطرافًا رئيسة في معادلة الدولة، والمشهد الليبي يعج بمثل هذه الحالات التي تؤكد على ما نطرحه في هذا المقال.
الغريب هنا أن كمية الفضائح التي نشهدها اليوم أبطالها من الشخصيات المتنفذة لم نسمع بالقبض على أي منهم، كما أن جُل القضايا تم تسريبها للعامة من قبل فتيات استعملوا لهذا الغرض، كما أنه وللأسف أغلب هذه التوافه هن من يحددن من يبقى في سدة الحكم ومن يغادر، وهن من يدرن دفة العمل، من خلال دائرة شيطانية تستخدم الفتيات في هذه الأعمال باستغلال ظروفهن المادية.
سلاح الرذيلة في ليبيا اليوم أقوى من أي سلاح آخر، إذ إن مقطع فيديو كفيل بإنهاء مدة عمل وزير أو رئيس بلدية أو سفير أو حتى رئيس، وهو عمل تقف وراءه عصابات ومنظمات أجنبية، وما حادثة المدعوة “إيمان العبيدي” إبان أحداث فبراير 2011 إلا شاهد على مثل هذه المؤامرات والدوائر الخارجية التي تؤججها.
كثيرنا يرمي اللوم على الفتاة ووصفها بأقذع الأوصاف، والسؤال الأهم ماذا عن الطرف الثاني وهو ذاك المسؤول الذي يحمل على عاتقه أمانة وطن؟
هذه الإيقاعات للفضائح المتكررة أماطت اللثام عن انحطاط المسيطرين على المشهد اليوم، حتى طالت مؤسسات يفترض أن يكون من ضمن مهامها حماية المجتمع من هذه الظواهر!
نتأسف اليوم أيما تأسف على تفشي الفاحشة والفساد بجميع أشكاله رغم دراية ما يسمى بالمؤسسات الأمنية بمروجيه ومعرفتهم بأوكارهم، فهم إما متمترسون بالسلطة أو بالنفوذ أو بالسلاح الذي يمتلكونه بشرعيات مشبوهة بالرغم من وجود بلاغات ومحاضر وقضايا تكشف ما اقترفته أيديهم من جرائم يندى لها الجبين ظلت مركونة حبيسة الأدراج، الأمر الذي يأخذنا لحقيقة سيطرة العصابات المسلحة ونفوذها حتى على المؤسسات المعنية بتنفيذ القانون.